حمدي رزق يكتب : الفقي ينصف ناصر في قبره !

بيني والمفكر الكبير الدكتور ” مصطفي الفقي ” محبة خالصة لوجه الله، منه نتعلم.
درس الفقي الأخير في ثقافة الاعتذار، يحتذى، يوما ما قال الفقي في خالد الذكر الزعيم ” جمال عبد الناصر ” قولا كريها، عددته عليه من زلات اللسان، والهنات التي تقع أحيانا من الكبار.
يومها اعتذر الكبير لأسرة الزعيم اعتذار الكبار، ولم يماري، ولم يتكبر، ولم يركبه العناد، وتواضعا بادر بالاعتذار للمحبين ، وهمس في أذني حبي لناصر ليس محتاج إثبات ، مكتوب ومنشور ومقروء .
معلوم ، الاعتذار من شيم الكبار، وفضيلة الاعتذار تدخل في باب الفضائل ، ولسان الحال ، أنا أحمل لك يا قلبي بين يديّ اعتذاراً يفوق كلمات الاعتذار وحبّ يفوق كلمات اللوم والعتب.
في حضرة صديقي الإعلامي النابه ” شريف عامر ” في برنامج ” يحدث في مصر»، عبر فضائية «MBC مصر»، مساء الثلاثاء الماضي ، سأل شريف الدكتور الفقي ، عن النماذج الإيجابية للرجال الأقوياء في المنطقة العربية، فقدم اسم خالد الذكر “جمال عبد الناصر” .
ومستوجب التسجيل الأمين ، قال الفقي ما نصه :” من ينكرون على عبد الناصر حقوقه التاريخية، يهملون قدرته على تغيير ثقافة الناس سلبا وإيجابا”.
وبذكاء لا يخلو من دهاء، لفتنا إلي أن الحملات التي تشن على عبد الناصر غير موضوعية وجميعها افتراءات، وأن التحليل الموضوعي للرئيس الراحل ينصفه في كثير من الأشياء، ويدينه في أشياء أخرى “.
تجلي الكبير إنصافا لخالد الذكر موضوعية منه محببة، ويصح القول لم يقل أحد من المحبين أن ناصر كان معصوما، وراجع ناصر في حياته في وثائق منشورة ما كان منه وكان منهم، معترفا بالأخطاء التي شابت عصره، وانتوى تغييرا جذريا، لكن ملاك الموت كان حاضرا، فلم يتمكن من التغيير الذي ارتضاه نفسيا وعزم عليه فعليا.
موضوعية الفقي تحسب له ويؤجر عليها وطنيا، ودرس لكل من تسول نفسه هدم رمز من رموز هذا الوطن، والوقوف فحسب على أخطائها، ونكران منجزاتها، وتشويه سيرتها التي هي من سيرة وطن عظيم، مصر أغلى اسم في الوجود بشعبها الأصيل .
ناصر أصاب وأخطأ والتاريخ محاسب عتيد، وتاريخ ناصر وراءه، و كتابه بيمينه ، و ما تركه فينا عميق الأثر، ومن ينكره كمن ينكر الشمس ساطعة في كبد السماء، وأخطاء ناصر السياسية معلومة للكافة ، ومن الإنصاف ذكرها ملحقة بمنجزاته .
التحزب يخل بالموضوعية، والتعاطي مع عصر ناصر دون حسابات عصره المعقدة ، وتكالب القوى الاستعمارية على ثورته ، يحرف النظرة للحقائق، ويظلمه تاريخيا.
درس الفقي اعتذارا خليق بالاتباع، واعتذاره ضمنيا، معترفا بزعامة ناصر، وكونه نموذجا للقادة الشجعان القادرين على التغيير، حريا بتمعن وتفكر من يعادون ناصر جهلا بمنجره ، ويشوهون عصره جملة ، ويمسكون في الهوامش دون المتون ، ويقولون فيه قولا سيئا ، فحسب يرعووا للموضوعية، ولخلق الإنصاف التاريخي.
ما يحزن أن أحكام هؤلاء الجزافية على الحقبة الناصرية فضلا عن الانحراف عن الموضوعية التأريخية، أخشي أحكامهم تصدر عن هوى، للأسف مثل هذه الأحكام غير البريئة من الهوي تصب في نهر الإخوان المالح، ترفده بماء أجاج ، يعب منه إخوان الشيطان غبا ، والإخوان يستبطنون ثأرا من ناصر وثورة ناصر الذي أطاح خلافتهم، وشتت شملهم، وطاردهم في أقصى الأرض.
السرديات الوهمية عن ناصر والحقبة الناصرية والإمساك بسفاسف الأمور، والجبنة والتوست والعيش الأسمر ، والوقوف علي الهوامش المتهاوية ، ما يستهوى إخوان الشيطان، ويحتفون به ويشيرونه تشييرا كثيرا ، ويتخذونه سبيلا لإشانة ناصر في قبره .
أخبار اليوم