أخبار العالمتكنولوجياتوبمنوعات

القبة الفولاذية تحول كبير في الصناعات التركية العسكرية ورسائل مهمة لإسرائيل

حضر الرئيس التركي أردوغان يوم 27 أغسطس الماضي، مراسم تسليم الدفعة الأولى من منظومة الدفاع الجوي “القبة الفولاذية” إلى الجيش التركي، وتشمل 47 مركبة مجهزة بنظامي حصار وسيبر، وهما أول نظامين صاروخيين قصيري وطويلي المدى تُنتجهما تركيا محليًا، بتكلفة 460 مليون دولار.

طرحت تركيا مشروع “القبة الفولاذية” في 6 أغسطس 2024 بوصفها منظومة دفاع جوي متكاملة، تعتمد على شبكة متعددة الطبقات قادرة على التعامل مع طيف واسع من التهديدات.

وكانت بعض المكونات التي أُدمجت ضمن مشروع القبة قد بدأ العمل عليها في 2018، مثل منظومات KORKUT و HİSAR. وبخلاف “القبة الحديدية” الإسرائيلية، التي تركز على اعتراض الصواريخ قصيرة المدى، فمن المخطط له أن يغطي المشروع التركي المجال الجوي بمختلف تهديداته، من المسيّرات منخفضة الارتفاع إلى المقاتلات الهجومية، مرورًا بالصواريخ الباليستية، وعلى امتداد الأراضي التركية.

تعمل المنظومة على دمج أسلحة متنوعة مع منظومات استشعار متطورة في بنية واحدة أشبه بدرع شبكي.

كل طبقة تؤدي وظيفة محددة، لتواجه نوعًا معينًا من المخاطر.

وعندما تعمل تلك الطبقات معًا، تشكّل مظلة متكاملة للحماية، أقرب إلى شبكة متراصة تلتقط مختلف التهديدات بدلًا من الاعتماد على حل واحد محدود الفاعلية.

إستراتيجيًا، تعزز تلك المنظومة المتطورة سيادة تركيا العسكرية، وتقلّص من اعتمادها على أسلحة الحلفاء الدفاعية، وتضع أنقرة في موقع فاعل رئيسي ضمن أسواق السلاح العالمية، بحسب تقرير منصة ناشونال إنترست.

مشروع ضخم

وكانت قد أعلنت تركيا أخيرًا عن مشروع ضخم بقيمة 1.5 مليار دولار، وُصف بأنه “أكبر استثمار في تاريخ الصناعة العسكرية التركية”، وهي قاعدة “أوغول بي” للتكنولوجيا، قاعدة عسكرية ضخمة تهدف إلى مضاعفة القدرة الإنتاجية لمكوّنات منظومة “القبة الفولاذية”.

وتبدأ قاعدة “أوغول بي” عملها في منتصف عام 2026، غير أن شركة “أسيلسان” أكدت أنها شرعت فعلًا في تزويد القوات المسلحة التركية بمكوّنات المنظومة.

الموقع، يتواجد فيه  47 منصة متنقلة جاهزة للتسليم، تتعلق بالقبة الفولاذية ومزوّدة برادارات وأنظمة مرافقة. وشملت هذه الدفعة منظومات “سيبر” (SİPER) للدفاع الصاروخي بعيد المدى، ومنظومة “حصار” (HİSAR) متوسطة المدى، و”كوركوت” (KORKUT) قصيرة المدى، إضافة إلى رادارات الاستطلاع الجوي وأنظمة الاتصالات والحرب الإلكترونية.

طبقات حماية متعددة

تبدأ أولى مستويات الحماية بالطبقة قصيرة المدى، ومهمتها التصدي للتهديدات القريبة والمنخفضة، مثل المسيّرات الهجومية أو قذائف الهاون والصواريخ الموجهة نحو أهداف مدنية أو عسكرية. وتعتمد تركيا في هذا المستوى على مدافع “كوركوت” عيار 35 ملم المثبتة على عربات مدرعة، إلى جانب صواريخ “سونجور” (Sungur) المحمولة على الكتف، فضلا عن أنظمة أخرى. وتتيح هذه الأسلحة تحييد المسيّرات والمروحيات والصواريخ ضمن مجال بضعة كيلومترات، ما يوفر الحماية اللازمة للقواعد العسكرية والمدن.

الطبقة الثانية

ثاني طبقة هي الطبقة متوسطة المدى، مستهدفة الطائرات الهجومية المقاتلة وصواريخ الكروز والأهداف الأسرع والأعلى ارتفاعًا. وتضطلع منظومات “حصار” بهذا الدور، بنسختيها البرية والبحرية.

وتتمتع هذه المنظومات بقدرة إصابة أهداف على ارتفاعات ومسافات متوسطة تصل إلى عشرات الكيلومترات، ما يجعلها قادرة على حماية مساحات واسعة ووحدات قتالية متحركة.

الثالثة

أما الثالثة؛ فهي الطبقة بعيدة المدى، وهنا تعتمد القبة على المنظومة الدفاعية التركية “سيبر” (Siper)، المصممة للتعامل مع التهديدات البعيدة والمعقدة، من مقاتلات تحلق في طبقات الجو العليا إلى المسيّرات الثقيلة والصواريخ الباليستية في مراحلها النهائية. وقد بدأت القوات المسلحة التركية فعلًا في تسلم النسخ الأولى، بينما يجري تطوير إصدارات أكثر تطورًا يُتوقع أن يصل مداها إلى 100 كيلومتر أو أكثر.

وتمنح منظومة “سيبر” تركيا قدرات دفاعية مقاربة لمنظومتي “باتريوت” الأميركية و”إس-400″ الروسية، مع هدف أساسي هو حماية المدن والبنى التحتية الحيوية من التهديدات الكبرى.

الدفاع الجوي التركي، يوازي ما يُعرف في الولايات المتحدة وحلف الناتو بالدفاع الجوي والصاروخي المتكامل، لكنه قد يكتسب في الحالة التركية دلالة خاصة، إذ يجري تطويره بالاعتماد على تقنيات محلية في المقام الأول، وبذلك يشكّل هذا المشروع محطة مفصلية في مسار أنقرة نحو بناء قدرات دفاعية مستقلة.

السنوات الأخيرة، شهدا تحولًا جذريًا في مسار الصناعات الدفاعية التركية.

الأولى عالميا بالمسيرات

فبعد أن كانت أنقرة تعتمد بصورة شبه كاملة على الاستيراد الخارجي لتلبية احتياجاتها العسكرية، أصبحت اليوم في موقع المصدر الذي تنافس منتجاته في أسواق متعددة.

ويؤكد مسؤولو الدفاع أن تركيا صارت الأولى عالميًا في تطوير ذخائر المسيّرات الذكية، بفضل قدرتها على تزويد طائراتها بمجموعة متنوعة من الأسلحة، تشمل الصواريخ المضادة للدروع، وصواريخ جو–جو، وصواريخ كروز فرط صوتية.

هذه التطورات  تشير إلى رؤية إستراتيجية أوسع تسعى منها أنقرة إلى تعزيز استقلالها العسكري وتقليص اعتمادها على شركاء الخارج، مع تحويل الصناعات الدفاعية إلى رافعة للنفوذ السياسي والاقتصادي.

فالصادرات العسكرية لم تعد تدر أرباحًا مالية فحسب، بل باتت أداة دبلوماسية تمنح تركيا قدرة على التغلغل في أسواق وتحالفات جديدة، وتفتح أمامها مساحات أوسع للمناورة على الخريطة الجيوسياسية العالمية ورسائل مهمة لإسرائيل حيث تتوقغ أنقرة أن صداما حتميا قد يحدث ولتفادي مواجهته لابد من التطور السريع التصنيعي تسليحا واقتصاديا  لمواجهة أي تحديات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى