سامي صبري يكتب لـ «30 يوم» : رحيل ترامب .. لاتفرحوا كثيرًا

فى الوقت الذى فرح الملايين حول العالم، وخاصة العرب والفلسطينيين بشائعة موت الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لا يستبشر ملايين مثلهم خيرًا بعد رحيله بأى تغيير للأفضل فى الشرق الأوسط والعالم؛ فالجمهوريون الذى ينتمى ترامب إليهم، سياستهم معروفة وإستراتيجيتهم ثابتة تجاه العرب وفلسطين، وهى الانحياز التام للكيان الإسرائيلى، مهما كانت التكلفة المالية والعسكرية.
ورغم تأكيد «آدين روس» فى بث مباشر على منصة Kick «أن ترامب بخير»، إلا أن مصادر فى الحزب الديمقراطى تؤكد خطورة وضعه الصحى، والدليل غيابه منذ 26 أغسطس عن الساحة.
وبغض النظر عن بقائه أو رحيله ميتًا، لن يتأثر الداخل الأمريكى كثيرًا، لأن أمريكا دولة مؤسسات تديرها سياسيًا أحزاب مختلفة، وفى النهاية يسيطر عليها حزبان كبيران (الجمهورى والديمقراطى)، قبل أن ينفرد أحدهما بالرئاسة، والبيت الأبيض.
وإذا كان «فانس» قد أسهم فى زيادة الشكوك بقوله «أنا جاهز لتولى السلطات الرئاسية». فإن الذى يعنينا مستقبل العلاقات الأمريكية العربية وموقف واشنطن من القضية الفلسطينية.
ووفقًا للدستور الأمريكى، فإنه إذا رحل أبو سبعة أرواح، الذى نجا من الموت ثلاث مرات، سيخلفه نائبه فانس، وهو فى الواقع أشرس وأكثر منه عنترية واستغلالًا وابتزازا واستهتارًا بالعرب، ولديه رغبة جامحة فى تدمير كل قواهم إن كان لهم قوة لصالح إسرائيل.
التجارب الجيوسياسية تؤكد، إنه لا فرق ببن «ترامب» و«فانس»، فهما رأسان فى جسد أفعى، تحيا ببثها السم فى دماء العرب؛ لتخويفهم وترهيبهم وإبقائهم دائمًا فى احتياج خدمات أبناء العم سام سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا، حتى لو منحهم العرب كل حقول النفط.
نعم، أثبت لنا «ترامب» إنه يتعامل فى السياسة بلغة سمسار الكبير، لا يقدر على منافسته أحد، فى عقد الصفقات التى تعزز تحقيق برامجه الانتخابى الذى وعد به الشعب الأمريكى، إلا أنه يبقى من وجهة نظرى أرحم بكل جنونه من «فانس» اليمينى المتطرف والمندفع، فهو شخصية مزاجية متقلب الهوى يدير بالانطباعات، ولا يصدق إلا أصدقاءه فقط والمقربين منه، وكثيرا ما يعمل بآرائهم وينفذها، حتى ولو كانت خاطئة وتسير عكس اتجه المصالح الأمريكية.
إذا صدقت الشائعات ومات ترامب، أو اختفى عن الانظار سيدير فانس أمريكا من الباطن حتى تعلن الوفاة رسميا، وبعدها سيرى العالم كله أيامًا أسود من الخروب، وسيسعى من اليوم الأول لحكمه، إكمال مسيرة سلفه بالضغط على العرب لضمان تركيعهم بدعم إسرائيل سياسيا وعسكريا لتحقيق حلمها فى إذلال العرب والقضاء على القضية الفلسطينية ومن ثم التفرغ لإيران، ونزع سلاحها النووى قبل أن يتجه إلى روسيا والصين وتركيا لكسرهم اقتصاديًا وتقليل نفوذهما الدولى والإقليمى فى منطقة الشرق الأوسط.
ولن يسعى «فانس» إلى أى حوار عربى إسرائيلى، لأنه لا يؤمن إلا بالسلام الناتج عن الحرب والقوة العسكرية، وبالتالى سيعرض المنطقة لمزيد من الخسائر، لن يستطيع تعويضها أى تحالف عربى روسى صينى فى المستقبل القريب. والشيىء نفسه ينطبق على أوربا وإن كان بشكل أقل حدة، وخاصة فيما يتعلق باوكرانيا التى ستجد نفسها فى موقف لا تحسد عليه من إيقاف تام للمساعدات العسكرية الأمريكية، ولا يخفى على أحد كره فانس للرئيس الأوكرانى زيلينسكى وعدم التوافق معه.
ربنا يستر.. وتأتى العواقب سليمة وأخف ضررًا مما نتوقعه؛ لأننا لسنا بحاجة لمزيد من الهزات الاقتصادية العالمية التى ندفع ثمنها غاليًا؛ باعتبارنا قلب الشرق الأوسط وهدفًا أساسيًا لزعماء أمريكا، وخاصة الجمهوريين الذين لا يرفضون طلبا لليمين الإسرائيلى وابنهم المدلل «نتنياهو».
Samysabry19@gmail.com