سامي صبري يكتب لـ «30 يوم» : بدراوي وموسى .. حرب موجهة

بدراوي وموسى .. حرب موجهة
رغم اعتراضى على أسلوب الزميل الصحفى الإعلامى أحمد موسى فى تناول بعض القضايا وانحيازه التام للسلطة، سيرًا معها على خط مستقيم، إلا أننى وجدت نفسى أمام حوار مهم يجريه مع الدكتور حسام بدراوى الطبيب والمفكر السياسى.
ومع أنه ليس الحوار الأول، وقد لا يكون الأخير لقناة “صدى البلد” مع رئيس لجنة السياسات وآخر أمين للحزب الوطنى المنحل خلفًا لصفوت الشريف، إلا أننى أتوجه بالتحية للزميل والقناة على الشجاعة والجرأة فى استضافة شخصية مشهورة، تسعى لخلق مساحة أو موقع، تدلف منه إلى ما يمكن أن نسميه تجاوزًا «المعارضة البناءة»، حتى ولو كانت «مستأنسة» ومهادنة، تجلس يمين السلطة وتحتضنها دائمًا.
سيقول البعض إن صاحب القناة الخاصة، صديق وزميل «بدراوى» الذى كان مدللًا لدى مبارك وأسرته، ومن الطبيعى أن لا يعترض على استضافة شخصية تمسك بالعصا من المنتصف، تعارض بحرفنة، ولا تدخل فى مواجهة مع النظام، ويقول آخرون إن الضيف والمضيف لم يفعلا شيئًا من عندهما، وأن هذه توجيهات فوقية؛ تمهد الطريق لشىء ما سيحدث، قبيل انتخابات مجلس النواب المقبلة، وتجهيز الأرضية للاستحقاق الرئاسى القادم.
وأنا أقول لا مشكلة، طالما أن المستفيد الأول هو المواطن، الذى شعر بجو مختلف لحرية التعبير، وأن هناك نية لمعالجة سياسية وإعلامية وشيكة، تعمل على توسعة شرايين الممر الضيق المؤدى إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة أقرها آخر دساتيرنا، ولا يحسها الشعب.
وهذا فى حد ذاته يحسب للنظام، بغض النظر عن الهدف والغاية، فكونى أسمع رأي مواطن مثلى، وبهذه الصراحة على شاشة تتمتع بنسبة عالية من المشاهدة، سأشعر حتما بأن رياح التغيير فى إدارة شئون الدولة قد بدأت تتحرك نحو الأفضل، وأن حرية الرأى ستكون واقعًا يقودنا إلى حياة سياسية ديمقراطية سليمة تليق بتاريخ مصر ومكانتها إقليميًا ودوليًا.
إنتهى الجزء الأول من مقالى عن دلالات الحوار وتوقيته ومع نفس الإعلامى للمرة الثانية خلال شهور معدودة. أما الجزء الأهم فهو مضمون الحوار، والمطالب غير المتوقعة لبدراوى، فى هذا التوقيت ووسط كل هذه التحديات الداخلية والخارجية، وخاصة فما يتعلق بعدم بتطبيق بعض مواد الدستور، وتجاهل الفصل بين السلطات، وتقييد حرية التعبير، والحد من حركة ونشاط الأحزاب التى تسعى لتداول السلطة والتواصل مع الجماهير لانتخاب مجلس نيابى يمثل الشعب تمثيلًا حقيقيًا، ولا يخلو من 150 نائبًا معارضًا على الأقل، ياتون بالانتخاب الفردى والقائمة النسبية، لا القائمة المطلقة، ويحاسبون الحكومة محاسبة واقعية لا تليفزيونية، كما يفعل مدير إدارة الرقابة والجودة فى أى مؤسسة إنتاجية، يضع يده على الخطأ ويعالجه.
كما طالب بدراوى بحرية الصحافة والإعلام، وتطوير التعليم وحوكمته باللا مركزية، باعتباره حجر الزاوية لتكوين شخصية المواطن المصرى منذ التحاقه بالمدرسة وحتى الجامعة، مؤكدًا أن مصر بحاجة إلى إدارة رشيدة تحتفى بالكفاءات وطفرة اقتصادية لسداد الديون، ولغة أخرى للتعامل مع القطاع الخاص والاستثمار؛ لتشجيعه، لا تعقيده وتطفيشه.
أما المطلب المهم فهو جعل الرقمنة والتكنولجيا والذكاء الاصطناعى، واقعاً معاشًا فى كل مجالات الحياة؛ لمواجهة الحرب الإلكترونية والمعلوماتية التى كسبتها إسرائيل وصارت خطرًا كبيرًا يهدد دول المنطقة.
ورغم كل هذه المطالب، فإننى أستنكر هجوم بدراوى على عودة الكتاتيب؛ بحجة الخوف من تحولها إلى معامل حديثة لتفريخ وإعادة تصنيع كوادر الإسلام السياسى بمختلف مسمياته، متناسيًا الدورالكبير لها فى التنشئة الدينية والعلمية الصحيحة. كما أرفض قوله: الفتوى مجرد رأى ووجهة نظرولا تمثل أى قاعدة فقهية دينية ملزمة (؟! )؛ لأنه بهذا الرأى يثير حالة من الفوضى تتناقض مع مطالبته للشعب بأن يكون على قلب رجل واحد.
.. الحوار يحمل الكثير من الرسائل عبر حرية موجهة ومعارضة بشياكة، وكل لبيب بالإشارة يفهم.
Samysabry19@gmail.com