توبفن و ثقافةكُتّاب وآراء

خالد إدريس يكتب لـ «30 يوم» : أنغام .. صوت مصر الذى لا يمرض فى قلوبنا

ضجت مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية بأخبار مرض المطربة الكبيرة أنغام، وتصدر اسمها محركات البحث وتفاعل معها الجمهور العربى بموجات من الدعاء والمحبة. ربما لأن أنغام ليست مجرد مطربة، بل هى ظاهرة فنية فريدة وصوت متفرّد، يمثل جزءاً من وجدان المصريين والعرب، ويعد أحد أهم ملامح القوة الناعمة المصرية التى أصبحت فى السنوات الأخيرة فى حالة تراجع مؤسف.

أنغام، ابنة الموسيقار محمد على سليمان، صوت لا يشبه إلا نفسه، لم تكن يومًا مجرد مغنية تؤدى ألحانًا، بل كانت دائمًا حالة شعورية خاصة، تحمل صوتًا قادراً على التعبير عن الحب، والألم، والحنين، والخذلان، بصدق مدهش.

لم تكن يوماً تابعة لموضات غنائية عابرة، بل حافظت على شخصيتها الفنية فى زمن غابت فيه الملامح.

فى كل حقبة زمنية، كانت الساحة الغنائية المصرية تعج بالأصوات القوية والتجارب المتنوعة، من أم كلثوم وعبدالحليم، إلى وردة، ونجاة، ومن بعدهم عمرو دياب، وأنغام، وشيرين، وآمال ماهر. اليوم، يبدو المشهد الغنائى خاليًا من النجوم الحقيقيين، وبدأت الرداءة تسيطر على الذوق العام بفعل موجات من «التريند» الغنائى الخالى من المضمون، مجرد كلمات تافهة قميئة وإيقاعات للرقص والتنطيط وأصوات تشمئز من سماعها الآذان.

ما حدث عند مرض أنغام كشف عن مدى حب الناس وتقديرهم لها وتعلقهم بصوتها، ليس فقط جمهورها، بل حتى من لا يتابعون الفن بانتظام، وكأن الملايين شعروا أن شيئًا من ذاكرتهم الجميلة مهدد. تجلى هذا الحب والاهتمام فى آلاف البوستات التى تتضمن أدعية من قلوب مخلصة لها بالشفاء، ثم تجلت فرحتهم بشفائها بتشيير صورها مع نجليها وأقاربها فى الساحل الشمالى، ربما لأن صوت أنغام لا يطرِب فقط، بل يربت على القلوب.

أنغام اليوم تمثل أحد أعمدة القوة الناعمة المصرية الباقية، وهى فى مكانة لا تشبه أحدًا. ومعها تقف شيرين، التى تعانى من اضطرابات حياتية أثّرت على حضورها الفنى، وآمال ماهر التى غابت طويلاً قبل أن تعود مؤخراً على استحياء وكأنها مكبلة بسلسلة غير مرئية. نحتاج عودة هؤلاء النجمات لأن الساحة الفنية المصرية لا تليق بها الرداءة، بل تستحق أصواتًا تصنع المجد وتخلّد الذوق.

أنغام كانت حالة مختلفة عندما ظهرت وهى طفلة فى السابعة عشرة من عمرها وغنت أغنية «فى الركن البعيد الهادى» عام ١٩٨٧، تلك الأغنية الرائعة التى لفتت إليها الأنظار وجعلتها تتربع فى قلوب الملايين خاصة أبناء جيلها من البنات مواليد السبعينات اللاتى اعتبرنها فلتة فنية نالت النجومية منذ ميلادها كمطربة. من القلب نتمنى الشفاء التام لأنغام، صوت مصر، وروح الغناء العربى الأصيل. ونرجو أن تعود سريعًا إلى جمهورها، لأن غيابها ليس فقدًا لصوت فقط، بل انطفاء لواحة من الإبداع والجمال.

‏Khalededrees2020@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى