الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» : ترامب يحلم بالجنة

السلام في أوكرانيا قد يوصل الرئيس ترامب إلى جائزة نوبل، فهذه جائزة سياسية تخضع لمعايير بشرية؛ أسسها مخترع المتفجرات وصاحب المصانع التي زودت جيوشاً بوسائل القتل والتدمير، وهدفه بعد أن اكتشف ما صنعته يداه هو التكفير عن جرائمه.
أما الجنة فهي أمر آخر، كل البشر يتمنونها، والرئيس ترامب واحد منهم، وفعل خيراً عندما تحدث عنها؛ فقد كشف لحظتها الشق الإنساني لديه، ولكنه -للأسف الشديد- كان ينظر إلى الدنيا بعين واحدة، وفي اتجاه آخر، متغافلاً عن متطلبات الآخرة، فالحساب هناك ليس انتقائياً، وليس خاضعاً للأهواء الشخصية أو العقائدية، هناك العدل والإنصاف والرحمة، وميزان وكتاب في اليمين والشمال.
الرئيس ترامب قد يقترب من الجنة بإنهاء حرب أوكرانيا، ولكن «إثم» الذي يحدث في غزة سيلاقيه في منتصف الطريق، فهو لم يتعاطف مع الأطفال والنساء وكبار السن في غزة؛ ترك وحشاً ضارياً يفتك بهم، ويهدم مستشفياتهم، ويدمر بلداتهم، ويتركهم يهيمون على وجوههم في العراء، يبحثون عن لقمة وشربة ماء وحبة دواء، والسلاح ما زال يطاردهم، وأغلبه سلاح أمريكي زوده به الرئيس ترامب الذي ما زال يعيش حالة «الإنكار» المستغربة منه.
فهو القائل إن نتنياهو لم يرتكب مذابح جماعية، ولم يشن حرب إبادة ضد الإنسانية، وإن صحة أطفال غزة جيدة، ولا يعيشون تحت ضغط حرب التجويع المتعمدة من الذين يساندهم ويدافع عنهم ويحميهم من القرارات الدولية، وهو الذي طرح فكرة إخلاء غزة من سكانها، وهي الخطة الجديدة لحكومة نتنياهو الجاهزة للتنفيذ في أي لحظة، وهو أيضاً من دعا إلى التهجير دون عودة، وهو من يخطط إلى تحويل غزة لمنتجع استثماري شبيه بـ«ريفيرا» الفرنسية!
الموت واحد، والحرب واحدة، والقوة الغاشمة واحدة، والاستقواء الهمجي واحد، والسلاح القاتل واحد، والجنة واحدة، والنار واحدة، والنية بكل تأكيد يجب أن تكون واحدة، فطفل فلسطين مثل طفل أوكرانيا، والإنسان هو الإنسان، ومن يريد أن يحمل الميزان، فعليه أن يساوي بين كفتيه، ومن أراد الجنة، فعليه أن يسعى إليها.