حكاية ألاسكا وسر اختيارها لقمة ترامب بوتين

ما هي الرسالة السياسية من وراء اختيار ألاسكا لقمة ترامب وبوتين لحل أزمة الحرب الروسية الأوكرانية؟
في عام 1867 كانت آلاسكا جزءاً من روسيا، في ذلك الوقت كانت روسيا تعاني من تداعيات هزيمتها العسكرية في القرم أمام القوّات الأوروبية (التحالف الفرنسي – البريطاني).وكانت بريطانيا لا تزال تحتلّ كندا، وبالتالي كانت قريبة من آلاسكا وقادرة على استغلال الضعف الروسي لاحتلالها.
في مواجهة معادلة عدم التوازن السياسي – العسكري بين روسيا وأوروبا في ذلك العام (1867) عرضت روسيا بيع آلاسكا إلى الولايات المتّحدة بثمن بخس.
أمريكا الوليدة الصاعدة
كانت الولايات المتّحدة مولوداً سياسيّاً جديداً يخرج من رحِم ثورة استقلاليّة عن بريطانيا.
لقد آثرت روسيا القيصرية أن تخسر آلاسكا بإرادتها بدلاً من أن تخسرها في هزيمة عسكرية جديدة. وهكذا تفاهمت موسكو وواشنطن على نقل ملكية آلاسكا (بأبخس الأسعار، 2 سنت للهكتار) من روسيا إلى الولايات المتّحدة. إلّا أنّ الثمن السياسي كان أهمّ خاصّة بالنسبة لموسكو.
فقد أبعدت الصفقة الولايات المتّحدة عن المشاركة في استغلال حرب القرم التي خرجت منها روسيا منهكة وغير قادرة على الدفاع عن نفسها، وقطعت الطريق أمام القوّات البريطانية التي كانت لا تزال في كندا.

كانت آلاسكا رمزاً لتفاهم روسي – أمريكي في أصعب الظروف التي مرّت بها روسيا القيصرية (بعد حرب القرم). في القرن التاسع عشر، فهل تكون أيضاً رمزاً لتفاهم أميركي – روسيّ في أصعب الظروف التي تمرّ بها روسيا “البوتينيّة” بعد حرب أوكرانيا؟
عرفت العلاقات الأمريكية – الروسيّة عصرها الذهبي بعد صفقة بيع آلاسكا (586,400 ميل مربّع بقيمة 7.2 ملايين دولار فقط). فهل تعود الروح إلى هذه العلاقات خلال صفقة تنهي الحرب الأوكرانية؟
18 أكتوبر 1867
في 18 أكتوبر 1867 احتفل جنود أمريكيون وروس في بلدة “سيتكا” في آلاسكا بإنزال العلم الروسي ورفع العلم الأمريكي في وسط البلدة حيث يتقاطع الشارعان الرئيسيان فيها، وقد سُمّي أحدهما باسم الولايات المتّحدة وسمّي الثاني باسم الاتّحاد الروسي.
اليوم كبرت المدينة ولا يزال الشارعان يحملان اسميهما الرمزيَّين حتّى اليوم.. وربّما تكون هذه المدينة في قلب آلاسكا المدينة الرمز لعقد قمّة “تحالف المضطرّين” الرئيسين ترامب وبوتين.
وحرب أوكرانيا اليوم ليست مثل حرب القرم بالأمس.. فأوروبا تعاني من الإنهاك والاستنزاف من استمرار الحرب الاستنزافية، وروسيا تعاني من استمرار حرب المقاطعة الدولية ماليّاً وتجاريّاً التي تفرضها عليها الولايات المتّحدة مع الدول الأوروبية.
أيّ اتّفاق أو أيّة تسوية لوقف الحرب في أوكرانيا يخدم مصالح كلّ الأطراف المتورّطة مباشرة بهذه الحرب عسكريّاً وماليّاً وسياسيّاً
من هنا أيّ اتّفاق أو أيّة تسوية لوقف الحرب في أوكرانيا يخدم مصالح كلّ الأطراف المتورّطة مباشرة بهذه الحرب عسكريّاً وماليّاً وسياسيّاً، وخاصّة روسيا وأمريكا والاتّحاد الأوروبي.
هنا تلتقي مصالح كلّ هذه الأطراف على مبدأ التسوية قبل أن ينتقل الصراع إلى ما هو أسوأ وأخطر، أي إلى استخدام السلاح النووي (حركة الغوّاصات الأمريكية النووية ردّاً على تهديدات الرئيس الروسيّ السابق ميدفيدف).
