خالد إدريس يكتب لـ «30 يوم» : مأساة المرضى في عيادة أحمد عرابي للتأمين الصحي

دعاني عدد من الأشخاص ممن أحيلوا للتقاعد لزيارة عيادة أحمد عرابي للتأمين الصحي والكتابة عن المهازل التي يتعرض لها المرضى هناك ، حتى أن أحدهم بكى وهو يستعطفني أن أنشر استغاثتهم للرئيس ولوزير الصحة ربما يتدخل أحد وينقذهم من الإهانات، خاصة أنهم في خريف العمر ولم يعد لديهم طاقة للمقاومة .
وصف لي الشاكون ما يحدث كل يوم فقررت الذهاب ومتابعة ما يحدث عن قرب لا لأتأكد فأنا متأكد من صدق أقوالهم بل أتجنب تماماً الذهاب لأي عيادة تأمين صحي بسبب موقف قديم تعاملت فيه مع إحدى عيادات التأمين الصحي وأدركت عندها أن ما يحدث لا يمت للطب ولا للرعاية الصحية بصلة ، بل هو عملية ” هات وخد ومشي حالك وكفاية إنك ما بتدفعش حاجة .
في مشهد يتكرر يوميًا، يقف العشرات من المرضى، أغلبهم من كبار السن، في طوابير طويلة أمام عيادة أحمد عرابي التابعة للتأمين الصحي، بحثًا عن خدمة طبية تليق بآدميتهم. ولكن بدلًا من أن يجدوا الرحمة والرعاية، يصطدمون بجدران من الإهمال واللامبالاة، وسلوكيات غير إنسانية من بعض العاملين في القطاع الطبي.
كثير من هؤلاء المرضى يعانون من أمراض مزمنة، ويكادون لا يستطيعون الوقوف أو الانتظار، ولكن لا أحد يرحمهم. المعاملة التي يتلقونها من بعض أفراد طاقم التمريض توحي وكأنهم “يتسولون” العلاج، لا كأنهم مواطنون لهم حقوق، دفعوا اشتراكاتهم لعقود في منظومة التأمين الصحي، ليجدوا في النهاية من يتعامل معهم وكأنهم عبء أو صدقة.
يشكو المرضى كذلك من عدم انتظام الأطباء في الحضور، وفي حال حضروا، فإن التعامل معهم يأتي بنبرة من الاستعلاء واللامبالاة، وكأنهم يُمنّون على المريض لا يعالجونه. المرضى من البسطاء والفقراء، لا يملكون رفاهية الذهاب إلى عيادات خاصة، وليس أمامهم سوى هذا المكان، الذي تحوّل من مركز للرعاية إلى ساحة للإهانة اليومية.
المأساة تتكرر دون تدخل حقيقي من المسؤولين عن التأمين الصحي، رغم الشكاوى المتكررة. إن ما يحدث داخل عيادة أحمد عرابي لا يليق بمصر التي تبني منظومة صحية جديدة تحت راية مبادرات “حياة كريمة” و”100 مليون صحة”، ولا يليق بكرامة المواطن المصري، ولا بسمعة الجهاز الطبي المصري الذي يضم آلاف الكفاءات المشرفة.
الحل لا يكمن فقط في تطوير البنية التحتية، بل في إصلاح منظومة الأخلاق والرقابة، وتوقيع الجزاء على كل من يسيء معاملة المرضى. وعلى الجهات الرقابية بوزارة الصحة فتح تحقيق عاجل في تجاوزات طاقم العمل بهذه العيادة، واتخاذ قرارات تصحيحية جذرية، حتى لا تتحول المؤسسات الصحية إلى بيئات طاردة للضعفاء والمحتاجين.
عيادة أحمد عرابي لا تحتاج فقط إلى إصلاح، بل إلى وقفة جادة من وزارة الصحة وهيئة التأمين الصحي، لإنقاذ ما تبقى من كرامة المريض الفقير. فلا علاج دون رحمة، ولا رعاية دون احترام لآدمية الإنسان.
Khalededrees2020@gmail.com