
تتجه الأنظار إلى مفاوضات سرية في القاهرة تقودها مصر وقطر بمشاركة تركية محتملة.
المفاوضات تهدف إلى التوصل إلى صفقة شاملة لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
هذه الصفقة المرتقبة قد تحمل حلولاً جذرية، تتجاوز مجرد وقف إطلاق النار، لتشمل تبادل الأسرى، وإعادة تشكيل الإدارة المدنية للقطاع، ووضع آليات دولية لضمان الاستقرار.
وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريحات متكررة على التزامه بإنهاء المعركة في غزة وهزيمة ما أسماه “بقايا المحور الإيراني” في المنطقة، إضافة إلى تحرير الرهائين الإسرائيليين لدى حماس.
في الوقت نفسه، نفى نية الاحتلال الدائم للقطاع، مبرزاً هدفه بـ”تحرير غزة من قبضة حماس”.
و يواجه نتنياهو ضغوطاً داخلية متزايدة، خصوصاً من اليمين المتطرف الذي يدفع باتجاه سيطرة كاملة على القطاع، مقابل انتقادات لاذعة من المعارضة التي ترى أن استمرار العمليات العسكرية قد يؤدي إلى انهيار مكانة إسرائيل الدولية، ويزيد من معاناة الرهائن.
وشهدت جلسة مجلس الأمن الأخيرة نقاشات حادة وانتقادات واسعة لخطة إسرائيل للسيطرة على غزة، اعتبرها قادة دول غربية كفرنسا وإيطاليا كارثة قد تزيد من تعقيد الوضع الإنساني والأمني.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تشكيل تحالف دولي بتفويض من الأمم المتحدة لإدارة القطاع، فيما ألمح وزير الدفاع الإيطالي إلى احتمال فرض عقوبات على إسرائيل بسبب فقدانها الصواب والإنسانية.
في سياق متصل، أعلنت عدة دول، من بينها أستراليا ونيوزيلندا، عن نوايا للاعتراف بدولة فلسطين في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المزمع عقده سبتمبر المقبل، في خطوة تضغط على إسرائيل لتعديل سياستها تجاه القطاع الفلسطيني.
و كثفت إسرائيل قصفها على قطاع غزة بعد تعهد نتنياهو بتوسيع العملية العسكرية، ما أسفر خلال 24 ساعة عن مقتل 61 فلسطينياً بحسب مصادر طبية محلية، إلى جانب ارتفاع عدد ضحايا سوء التغذية والمجاعة، حيث بلغ عددهم 222 شخصاً بينهم 101 طفل.
تأتي هذه التطورات في ظل تحركات دبلوماسية مكثفة تجري في العاصمة المصرية، حيث يتجه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية لإجراء مباحثات مع مسؤولين مصريين، ضمن جهد مشترك مع قطر وتركيا لوضع مبادرة جديدة ترمي إلى نزع الذرائع الإسرائيلية لإعادة احتلال غزة.
وأكدت مصادر أن المبادرة التي تجهزها مصر وقطر تقوم على صفقة شاملة تشمل:
-إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، الأحياء منهم والأموات.
-إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
-قبول حماس بتموضع الجيش الإسرائيلي الجديد في غزة تحت إشراف عربي وأمريكي خلال فترة انتقالية.
-تجميد سلاح الجناح العسكري لحماس، مع ضمانات من الوسطاء المصريين والأتراك.
-إنشاء إدارة مدنية مؤقتة لإدارة قطاع غزة تحت إشراف الأمم المتحدة.
ويعد ملف الرهائن هو الورقة الأهم لدى حماس، والتي تستخدمها كعامل ضغط لتحقيق وقف إطلاق نار دائم وانسحاب إسرائيلي من القطاع.
و لن تقوم إسرائيل بالانسحاب الكامل إلا بعد ضمان نزع سلاح حماس، وهو نقطة الخلاف الكبرى.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاءت تصريحاته الأخيرة، والتي توقفت فيها الولايات المتحدة عن دعم خطط الاحتلال الإسرائيلي الكامل للقطاع، تُفسر على أنها رسالة ضغط على الحكومة الإسرائيلية للقبول بالصفقة الشاملة. فالبيت الأبيض يسعى إلى وقف فوري للأعمال القتالية، مقابل ضمانات أمنية تشمل تحرير الرهائن الإسرائيليين.
و تشكل مصر والسلطة الفلسطينية وقطر، إلى جانب تركيا، محوراً أساسياً في التفاوض، حيث تسعى هذه الأطراف إلى ضمان توافق شامل على التهدئة، يحقق الحد الأدنى من متطلبات الأمن الإسرائيلي، ويضمن في الوقت نفسه حقوق السكان الفلسطينيين في غزة.
ويُتوقع أن تلعب تركيا دور الضامن في المرحلة الانتقالية، إلى جانب دور مراقب للأمم المتحدة، وهو ما قد يساهم في بناء الثقة بين الأطراف.