حمدي رزق يكتب : تلبيس العمة لقانون الإيجار القديم!!

الدخول المتأخر للشيخ «خالد الجندى»، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، على خط قانون الإيجار القديم، يلخصه المثل الشعبى الساخر، «يطعمك الحج والناس راجعة»!!
يُقال المثل عندما يصل شخص متأخرًا إلى موعد أو حدث بعد انتهائه، والمعنى البلاغى أن الشخص وصل متأخرًا جدا، لدرجة أن الناس قد عادوا من الحج، وهو حدث موقوت ومعلوم، ما يعنى أن تأخره كان مبالغًا فيه.
الشيخ «خالد الجندى» أبى إلا أن يمر القانون (المختلف عليه) دون عمة دينية، يترجم تديين القانون، ومعلوم تلبيس العِمَّة من فنون المخاتلة.
إضفاء صبغة دينية على قانون مدنى بحت صدر عن برلمان مدنى قح، تديين القانون لن يجلب نفعا، الشيخ خالد دخل بالقانون دائرة (الحلال والحرام)، وشخصن القانون بحكاية أقرب لطرفة، عن قيامه برد شقة كان يستأجرها والده وفق قانون «الإيجار القديم» فى حى «الحلمية الجديدة» إلى ورثة مالكها بعد زواجه.
واستطرد، أن قراره جاء تطبيقًا لفتوى ظل متمسكًا بها لأكثر من ٢٠ عاما، بأن العلاقة الإيجارية «المجحفة» والممتدة على التأبيد تخالف الشريعة.
وقال خلال برنامجه «لعلهم يفقهون» إن المنزل كان يمثل بالنسبة له مسقط رأسه، وذاكرة طفولته ونشأته، حياته بالكامل ارتبطت بذكرياته فيه، ومع ذلك، لم يجد مبررًا شرعيًا للاحتفاظ به وإغلاقه بعد أن انتقل منه وتزوج، رغم أن إيجاره كان (٣ جنيهات ونصف).
تلبيس العِمَّة الدينية للقانون بلغ حد استدعاء حديث قديم فى فيديو لطيب الذكر الشيخ «متولى الشعراوى»، عن مسألة الإيجار القديم، مشيرًا إلى وجوب النظر فى مدى رضا الطرف الآخر فى عقود المعاوضة (الإيجار)، وعدم الاكتفاء بالأحكام القانونية وحدها.
وضرب الشعراوى مثلا: «لو أنك أنت مثلا جيت من ٣٠ سنة لواحد عايش من إيجار بيت بيأجره بـ ١٠٠ جنيه ومستوى حياته مبنى على كده.. ثم تطورت الأمور بعد ٣٠ سنة وأصبحت الحياة متسارعة، هل دخول الناس ظلت هى هى؟
لا.. طب اشمعنى بقى ده يا عينى يفضل دخله هو هو؟ بالله أينظر إليها نظرة الرضا ويكون مرتاحًا؟».
التبرير الدينى للقانون لن يوفر سكنا بديلا للمضارين، الحكومة تجتهد فى تخفيف الآثار المترتبة على تطبيق القانون، وتتوفر على حل الإشكاليات التى ستظهر لاحقا مع التطبيق الفعلى، والشيخ خالد مشغول بتزيين القانون أقصد تديينه، وصبغه بصياغة دينية، وباعتباره راجل عارف ربنا ومعمم، حابك العمة، ولا يسكن حراما، ويحض المستأجرين على الإخلاء الطوعى اتساقاً مع الشرع، ما يحك الأنوف الملتهبة، ويزيد من وتيرة الاحتقان الذى خلفه القانون.
ليس هكذا تورد الإبل، القضية مدنية بحتة، عقود مدنية، والطعن على القانون أمام المحكمة الدستورية، وليس أمام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وهذا طريق قانونى سيسلكه القانونيون حال تطبيقه.
أخشى إلحاحا دينيا سقيما على تديين قوانين الدولة المدنية، وإدخال الدين عنوة فى كل صغيرة مجتمعية وكبيرة، حتى قوانين الإيجار.
بالمناسبة يا شيخنا الجليل، عقد الإيجار ترجمته القانونية، اتفاق قانونى بين مالك (المؤجر) وشخص آخر (المستأجر) ينتفع بموجبه المستأجر بملكية معينة (مثل شقة أو محل) مقابل دفع مبلغ مالى للمؤجر لفترة زمنية محددة بنص القانون وليس بفتاوى خالد الجندى وشركاه.
المصري اليوم