أخبار العالمترينداتتوبمنوعات

رسالة مؤثرة لـ الصحفي الفلسطيني أنس الشريف قبل استشهاده

كتب الصحفي الفلسطيني أنس جمال الشريف كلماته الأخيرة، وكأنها صرخة وداع ورسالة أمانة للأمة. ابن مخيم جباليا الذي حمل معه سلاحان” الكاميرا والقلم “.

جاءت كلماته في قلب الحرب والدمار، وبين أنقاض البيوت وأصوات القصف.

لم يكتفِ بنقل الأخبار، بل وثّق بدمه وحياته حكاية شعب محاصر منذ عقود.

في وصيته المؤثرة، التي تفيض صدقاً ووجعاً، يوصي بفلسطين وأهلها، ويترك خلفه عهداً بأن الكلمة والصورة ستظل أقوى من الرصاص، حتى وإن صمت صاحبها إلى الأبد.

إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا أنس جمال الشريف، صحفي فلسطيني من مواليد مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، وُلدت بين أزقته الضيقة التي حملت حكايات النكبة والتهجير، ونشأت على حلم العودة إلى بلدتي الأصلية عسقلان المحتلة “المجدل”.

عرفتني الكاميرا والقلم قبل أن يعرفني المنبر، فكانا سلاحي لنقل الحقيقة من قلب الحرب والدمار، مؤمناً أن الصورة والكلمة أقوى من جدار الحصار.

يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة لأكون صوتاً لأبناء شعبي، حتى آخر لحظة في حياتي. عشت الألم بكل تفاصيله، وذقت مرارة الفقد مراراً، ورغم ذلك لم أتوقف عن نقل المأساة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، لعل الله يشهد على من سكتوا، ومن تواطؤوا، ومن لم تحركهم أشلاء أطفالنا ونسائنا في هذه المذبحة المستمرة منذ أكثر من عام ونصف.

أوصيكم بفلسطين، درة تاج المسلمين، ونبض قلب كل حرّ في هذا العالم.

أوصيكم بأهلها وأطفالها المظلومين، الذين حُرموا من أبسط حقوقهم في الحياة، وتمزقت أجسادهم الطاهرة تحت أطنان القنابل والصواريخ الإسرائيلية.

أوصيكم ألا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسوراً نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على أرضنا.

أوصيكم بأهلي خيراً:

بابنتي الحبيبة شام، التي تمنيت أن أراها تكبر أمام عيني، وبابني الغالي صلاح، الذي رجوت أن أكون له عوناً حتى يشتد عوده ويكمل الرسالة.

أوصيكم بوالدتي الحبيبة التي كان دعاؤها حصناً لي ونوراً لطريقي، وبزوجتي ورفيقة دربي أم صلاح بيان، التي بقيت ثابتة وصابرة، تحمل الأمانة في غيابي.

إن متُّ، فأنا أموت ثابتاً على المبدأ، راضياً بقضاء الله، ومؤمناً أن ما عند الله خير وأبقى.

اللهم تقبلني في الشهداء، واغفر لي، واجعل دمي نوراً يضيء درب الحرية لشعبي وأهلي.

سامحوني إن قصّرت، ولا تنسوني من صالح دعائكم… ولا تنسوا غزة.

أنس جمال الشريف

صحفي فلسطيني – مخيم جباليا، غزة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى