رياضةكُتّاب وآراء

الإعلامي العراقي حسين الذكر يكتب لـ «30 يوم» : انتخابات كرة القدم … سيادة المفهوم وتسفيه الملف !

منذ تاسيس شكلها الرسمي وتسويقها على القارات وتشكيل ذراعها الاممي (الفيفا) اخذت تبتعد كرة القدم في ادارتها عن المستطيل الاخضر شيئا فشيء حتى غدت ادارة دفة الامور بعيدا جدا عن ترويحية اللعبة او ما يعتقده المهوسون فيها حد براءة التشجيع ..
على سبيل المثال (اليابان) قوة حضارية صاعدة على مستوى الاقتصاد والتقنيات اخذت تبحث عما يوازي تلك المقومات الحضارية وتعطي انطباعا جديرا بالقوة مما دفعها لقيادة ملف الفن حتى صارت بين اوائل الدول فيه .
منذ الثمانينات تعرفنا على منتخب اليابان باداء بسيط وادوات فقيرة ينبأ عما يجري في الشرق الاسيوي .. ما ان حل عقد التسعينات الا واعلنت اليابان بخطة حكومية انها تسعى لتسيد اسيا واحرز كاس العالم في منهجية محكمة لا يمكن فهمها تشجيعيا وحصرها فنيا فالقضية اكبر من ذلك وتتعلق بمصادر القوة .
انطلقت ماكنة الكومبيوتر ترسم ملامح مستقبلها الجديد فتسيدت اسيا بلا منازع على مستوى الاندية والمنتخبات والفئات العمرية لتكون بين اوئل لائحة تصنيف الفيفا عالميا متخطية دول فازت بكاس العالم .
اليابان لم تغب عن المونديال والمؤشرات تشير الى انها على بعد خطوات من اليوم الموعود باحراز كاس العالم الذي ليس هو المقصود بذاته .. فبعض دول (المال والاعلام ) قادرة على ان تشتري الكاس والمشاركات والبطولات باموالها المغدقة وعلاقاتها المتشابكة .. الا ان اليابان اختارت صناعة الحضارة لا لعب (الكرة ) وضعت الخطط لبناء منظومة كروية تتسق مع حضارتها لتكون وجه مشرق لها فاعلنت الاحتراف كطريق احدث لتحقيق الاهداف المرجوة لا من اجل سرقة اموال الدولة وتقاسمها بين المتنفذين بل جعلته مشروع نهضة حياتية سيكون الفوز بالكاس العالمية تحصيل حاصل لمخاض رحم الحضارة وليس للطرق التدريبية .
كرة القدم ليست غنيمة يتقاسمها اصحاب السلطة ينبهون مالها ويحلبون مواردها ويتصدرون اعلامها ويستمتعون بامتيازاتها كبقرة حلوب لمن يمتلك القوة ويقف خلفه السلاح واخراس اهل الشان من نجوم اللعبة وبناة تاريخها الثر ..
كرة القدم علامة حضارية فارقة وملف قوة للدولة وسلاح ناعم لتحقيق الاهداف الوطنية وهوية ثقافية تتبارى مع بقية الامم من خلال تقنيات العمل وابداعية التنفيذ ليصطبغ لون الشارع ولباس الوطن بالوانها الزاهية وليست وكرا للرذيلة والعيش الرخيص وضرب القوى الوطنية !
هنا يكمن فارق يجب ان تعيه الدول اولا .. وان لا يترك الملف باياد لا تعي من فلسفة اللعبة العولمية سوى سياحة واباحة المقدرات .. وراس حربة .. وشبه وسط واربعة اثنين اربعة .. و( عمارة ابوك مربعة ) !
شرف الوسائل المعرفية ورسم الاهداف الاستراتيجية والعقل التدبيري والاياد الامينة والاحساس الوطني طريق وحيد لقيادة اللعبة لمشارق الارض ومغاربها وليس لتوافهها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى