صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : رحلة الاستجمام والضم!

في زيارة لإسرائيل امتدت لأسبوع، زار “مايك جونسون” رئيس مجلس النواب الأمريكي الضفة الغربية برفقة مشرعين جمهوريين، مقتحمين الحرم الإبراهيمي بالخليل الذي آثار واستفز الفلسطينيين مرورا بمستوطنة “أرئيل” الأولى لمسؤول أمريكي كبير لترسيخ فكرة ضم إسرائيل للضفة والسيطرة على المقدسات الإسلامية بها والقدس، وحظي الزائر الرفيع باستقبال حافل من المستوطنين وقادتهم، وقدمت له وثائق وخرائط حكومية”عن كيفية ضم الضفة الغربية”.
جونسون – المحامي، والإذاعي، والصحفي، والسياسي، والمسيحي المحافظ، ابن لويزيانا والمعروف بنظارتيه وشعره المصفف- كانت زيارته قبل شهرين، وتأجلت بسبب الحرب الإسرائيلية الإيرانية، لتأتي في توقيت اصطف العالم للاعتراف بالدولة الفسطينية وكأنه يبعث برسالة سخرية ضد من ساندوا الحلم الفلسطيني.!
جونسون اصطحب إلى إسرائيل، في رحلة تكريس الإستيطان والضم، نواب الحزب الجمهوري الأكثر تشددا للصهيونية وكرها للعرب، مثل مايكل ماكول “جمهوري من تكساس”، وناثانيال موران “جمهوري تكساس”، ومايكل كلاود “جمهوري تكساس”، وكلوديا تيني “جمهورية نيويورك”، رئيسة كتلة أصدقاء الضفة بالكونجرس، وتدعم المستوطنات الإسرائيلية وتدعو لضم الضفة، وقامت بتنظيم الرحلة “هيذر جونستون”، مؤسسة جمعية التعليم الأمريكية الإسرائيلية، وهي جماعة محافظة ومؤيدة لإسرائيل، كاشفين خلال الزيارة عن وجه القُبح في رحلة صيفية للاستجمام والسرقة والتنمر والنهب!
لم يكتف جونسون ومرافقوه بالزيارات الاستعراضية ومنها مستوطنة “آريئيل” بالضفة وهي الأولى لمسؤول أمريكي رفيع، لكنهم صاحوا مشددين على الحق التاريخي لإسرائيل في السيادة على الضفة الغربية لنهر الأردن، ، واعتبارها خط المواجهة لإسرائيل، وجزءًا منها، وحتى لو رأى العالم عكس ذلك!
جونسون- القيادي والمشرع ، وقائد لأكبر برلمانات العالم، وممثلا للدولة الإمبراطورية بتأثيرها الاقتصادي والعسكري والثقافي والسياسي التي تتغنى بالديمقراطية والحرية – تناسى ما تم التوقيع عليه في اتفاق أوسلو بالعاصمة واشنطن 1993، والذي جسد ملامح الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، ومتحديا دول العالم التي اجتمعت بنيويورك للتأكيد على حل الدولتين المستند للقانون والشرعية الدولية.
جونسون تربطه بترامب علاقة منفعة متبادلة ومصالح مشتركة، فكلاهما يحتاج الآخر ،رغم الخلاف الحاد قبل 10 سنوات وقبل التحول الكبير في عام 2015 ومع خوض ترامب معركته الرئاسية بالولاية الأولى(2016/2020)، حيث وجه جونسون نقدا لاذعا ووصفه بأنه لا يمتلك السلوك المناسب ليكون رئيسًا، ويفتقر الشخصية والمركز الأخلاقي “صمام أمان” البيت الأبيض، واصفا إياه بأنه “متسرع بطبيعته”، وتساءل مازحًا: ماذا سيحدث إذا قرر قصف رئيس دولة آخر لمجرد عدم احترامه؟!
ترامب يدين لـ جونسون في نضاله من أجله في “معركة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية” لعام ٢٠٢٠، حيث كان لاعبًا رئيسيًا، بصفته محاميًا دستوريًا سابقًا، وقدّم للمشرعين الجمهوريين حجة استخدموها للتصويت ضد التصديق على نتائج المجمع الانتخابي، وزعم جونسون أن نتائج عدة ولايات باطلة لأن قوانينها الانتخابية خضعت لتغييرات غير قانونية قبل انتخابات ٢٠٢٠.
انسجام” الثنائي ” السياسي والفكري والإيدلوجي والمنفعي والإيمان المشترك بـ المسيحية الصهيونية والتي تروج لإسرائيل ودعمها من منطلقات دينية زائفة ومحرّفة كانت المحرك لدفع جونسون لزيارة استعراض القوة والتهام الضفة الغربية وسط حرق وقتل قطعان المستوطنين للفلسطينيين.. أمام صمت دولي وعربي مُريب!
اقرأ أيضا
صبري حافظ يكتب لـ « 30 يوم » : الأهلي ومدينة الظل!