الإعلامي العراقي حسين الذكر يكتب لـ «30 يوم» : مواسم الهدر الرياضي !

في واحدة من ابتلاءات الواقع العراقي الجديد سيما في القطاع الرياضي اصبح ملف ( الاحتراف الذي لا يمت لصلة اطلاقا لمعنى الاحتراف في البلدان المتطورة ) مسيطرا بشكل مطلق حتى صار عنوانا لغسيل الرياضة الذي بموجبه تبنى القلاع الشخصية فيما تهدم المؤسسات في ظل (هدر المليارات ) .. اذ لم نسمع ولا مؤسسة واحدة خلال عشرين سنة خلت ممن تتحمل تكاليف الاندية ان تراقب او تحاسب عن كيفية صرف الاموال ومقارنتها مع المتحقق من الانجازي ( الرياضي او الاداري او الاجتماعي او الاقتصادي )..
هذه المفردات غير مطروقة عراقيا ولم يسمع عنها اغلب اعضاء الادارات وربما لم يعرفوا معناها وطريقة التعاطي والتنفيذ من خلالها .. ففي الاحتراف لا يصرف دينار واحد الا بشروط تضمن جلب عشرة دنانير مقابله .. و( هذه الحسبة ) لم يتطرق ولم يفكر بها احد من اغلب الادارات التي تستلم الاموال المليارية وتصرف كعقود على اللاعبين والمدربين والموظفين بمزاجية علاقاتية لا تخضع لاي معيار وضابطة مؤسساتية وفي نهاية الموسم يتم المصادقة على الصرفيات ليبدا موسم حصاد جديد تحلب فيه المؤسسة فيما يتخم البعض اكثر واكثر من العام الذي قبله .
في بداية كل موسم تبدا الاخبار المحزنة تنزل كالصاعقة على رؤوس العارفين اذ نسمع هنا وهناك عن تعاقدات مع لاعب ( بمليار ) دينار وآخر بخمسمائة مليون واقل من ذلك … دون اي بند يتتبع الموارد التي ستحصل عليها المؤسسة جراء ذلك .. مجرد لعب عدد من المباريات بمثابة نكتة مستهجنة في الوقت الذي تعد الحسابات والمحاسبات والتدقيق ورسم الاستراتيجيات اهم شروط عالم الاحتراف المؤسساتي الذي لا وجود له دونها .
قطعا هناك عدد كبير من الاخوة رؤساء او اعضاء الادارات الذين اصبحوا تاريخين من خلال قيادتهم للمؤسسة لسنوات طويلة وربما عقود اطول دون ان يتحقق اي من مفردات الاحتراف الذي يعني من ضمن ما يعنيه ( ان توقع عقدك مع اي لاعب باي مبلغ تريد شريطة ان تسترد المبلغ من خلال عطائه وان لم يتحقق ذلك فالعملية يكتنفها الفساد ويعشعش بداخلها الفاسدين ).
ان بدايات المواسم هي حصة الاسد للحيتان المتربصين .. مما يتطلب من الاخوة في الادارات عامة ومعهم جميع الحريصين على المال العام وتطور المؤسسات الرياضية ان يوقفوا النزف المالي بصوره شتى .. وان يعتمدوا نظام الجدوى الاقتصادية كاهم معايير الاحتراف . وذلك يتطلب اعضاء مؤمنين ايمانا مطلقا بالمؤسسة ومصالحها وان يعتمدوا على الاستراتيج والافكار البناءة التي تعد اهم ما في الملف.. فالعقل الاحترافي يقول ( تخطط بلا عمل افضل من عمل بلا تخطيط) .. هنا الفارق يتجلى بين فوضى الخمط الاخترافي الشائع عن فضائل وفوائد الاحتراف الناجع .