توبكُتّاب وآراء

سامي صبري يكتب لـ «30 يوم» : الإيجارات القديمة .. الحل هنا (12 / 12)

على مدى إحدى عشرة حلقة ماضية، تناولت قوانين الإيجار القديمة، وتوقفت عند تعديلات هذه القوانين فى الستينيات والسبعينيات ثم تسيعينيات القرن الماضى، تحديدا قوانين 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981 و4 لعام 1996 المعمول به حاليا ) الذى حرر العلاقة الإيجارية، ولم يقيدها إلا بما اتفق عليه الطرفان من قيمة شهرية وسنة تعاقدية.

وعرجت إلى القهر الذى تعرض له المالك، وهو يتقاضى أجرة شهرية عن شقته أو محله أو حتى عمارته جنيهات زهيدة لا تعادل ثمن ساندوتش فول أو طعمية، وأشرت إلى التدخل الظالم الدولة بتخفيض هذه الإيجارات القديمة بل تثبيتها لامتصاص غضب المصريين بعد نكسة 67، ولتطبيق شعارات الاشتراكية الثورية وغيرها من مبادئ الحقبة الناصرية.

وعرضت رؤية الأحزاب، ووجهات نظر الملاك والمستأجرين، وتطرقت إلى رفض المحكمة الدستورية ثبات القيمة الإيجارية، ومطالبتها الحكومة عام 1924 بقانون جديد وإقراره من مجلس النواب قبل انتهاء دورته البرلمانية؛ لتحريك القيمة دون المساس بما استقرت عليه من حكم سابق بامتداد العلاقة الإيجارية للجيل الأول للمستأجر الأصلى.

وانتقدت المسرحية الهزلية لمجلس النواب، التى انتقد النواب فيها الحكومة، وفى اليوم التالى قدموا مشهدا تراجيديا، هابط المستوى برفع الأيدى تصفيقا، وإنتزعت الأغلبية الموجهة الموافقة من بين أنياب الأقلية المعارضة، دون أدنى اكتراث لعدم جاهزية الحكومة لمعالجة نتائجه وأخطاره على السلم المجتمعى؛ بسبب الزيادة االكبيرة فى القيمة الإيجارية، والمدة الانتقالية القصيرة، والوعود غير الواقعية لتعويض غير القادرين بسكن بديل.

والعجيب أن الحكومة تزعم أن كل شىء تمام، دون أن تحدد لنا آلية تنفيذ خطة التعويض وتوفير الميزانية اللازمة لها، وكأنها ضامنة أنها ستبقى حتى طرد المستأجر من الشقة، لتذكرنا بحكاية موت الملك وجحا وحماره.

نعم جميعنا أبناء وطن واحد، ولكن وبكل أسف، عندما تتعارض مصالحنا يستأسد بعضنا على الآخر، خاصة إذا ما كانت هناك ثغرات قانونية تزيد من فجوة الاختلاف المجتمعى اجتماعيا واقتصاديا فى قضايا مصيرية، كقضية طرد الإنسان من بيته وتغيير نمط حياته فجأة.

الخلاصة… القانون نتائجه وخيمة؛ لاعتماده على بيانات غير دقيقة، وسيؤدى نفاذه بمرور 30 يوما عليه دون تصديق أو رفض رئيس الجمهورية وإعادته لمجلس النواب إلى منازعات وطعون قضائية تربك كل محاكم مصر، وقد يستمر الفصل فيها حتى عام 2050 بين نحو 70 مليون مصرى (ملاك ومستأجرون)، فضلا عما سببه فى تفجير أكبر أزمة مجتمعية ومعركة طبقية تشهدها مصر ومضاعفة اسعار العقارات إيجارا وتمليكا.

المؤشرات تؤكد أن المستأجر لن يخرج، وسيلجأ مجددا للقضاء، وسيتذرع بالحكم السابق بالتمديد حتى الجيل الأول، وسيتحصن المالك فى ظل هذه الغيبوبة بالحكم الجديد لـ«الدستورية» ويمكنه فرض القيمة السوقية الحالية أو إخراج المستأجر فى شهور معدودة وليس بعد سبع سنوات، ويصطدم المستأجرون بحائط صد.

يجب على الحكومة وهى تعد اللائحة التنفيذية الآن ان تنتبه لكل هذه الثغرات ووضع معالجات توافقية، وإذا جاءها القانون مجددا من الرئيس ومجلس النواب، عليها تقديم قانون عادل، ولا يسبب مشاكل اجتماعية واقتصادية مستقبلية، تكتفى بتحريك الأجرة، وتلغى طرد المستأجر، والفترة الانتقالية مؤقتا؛ لحين تكون جاهزة بالبدائل المناسبة سواء كانت سكنية أو مالية.

لا يعقل أبدا إخراج عجوز أو سيدة فوق السبعين من البيت إلى الشارع ولا يعقل أيضا حرمان المالك من التصرف فى منزله لأكثر من خمسين عاما، يتقاضى خلالها إيجارا زهيدا لا يعادل ثمن كيلو فاكهة… إن العلاج الواقعى المؤلم قد يكون صعب التحمل، ولكنه أفضل من المسكنات التى تخدرك ولا تعالجك.. وأعتقد ان الشعب المصرى لم يعد بحالته الصعبة هذه يحتاج إلى مزيد من التخدير.. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.. ودمتم.

Samysabry19@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى