الإعلامي العراقي حسين الذكر يكتب لـ «30 يوم» : عمر وعثمان بين أروقة المتنبي !

يوم الجمعة ظهرا انشغل بكتابة أربعة أعمدة صحفية اثنين لصحف رياضية حيث تخصصي وآخرين لصحف عربية أحدهما اجتماعي وآخر ثقافي.
الطريف أن كتاباتي أغلبها مجانا بلا مردود سوى التعليقات وما يتضمنه من احساس بأداء الواجب والتعبير عن الذات فضلا عن رضا الله .
كنت جالسًا في كازينو (حنش ) وسط المتنبي أوزع بعض تغريداتي حينما اقتحم عزلتي مجموعة من الشباب استأذنوا الجلوس طلبا بنصيحة ما .
وقد دهشت وفرحت كثيرا بهم .. فالاستفهام من أنواع القراءة التي تضعضعت عربيًا.. عبرت عن سروري بهم . ثم عرفوني بانفسهم : ( عمر وعثمان وعبد الله ووقاص وحذيفة طلاب جامعيين وإعدادية كلهم من الفلوجة ) .. مفردة الفلوجة اسعدتني أكثر فهي مفاجئة أن يقطع شباب بهذا العمر مسافة طويلة قاصدين كرنفال المتنبي لطلب العلم والتزود المعرفي والإطلاع الثقافي .
قلت لهم : (الإعلام سابقا يمثل وظيفة وعمل نخبوي .. اليوم بفضل تقنيات العولمة فضلا عن فسحة الديمقراطية وحرية التعبير التي نعيشها جعلتنا جميعا إعلاميين بصورة ما ننشر ونرسل ونستقبل ونتفاعل وهذا هو الاعلام ) .
بعدما استساغوا الطرح أخذوا يسالون بمواضيع شتى .. ثم سالتهم ما هو أقدس شيء على الأرض .. الغريب ان اجابتهم متطابقة حيث أكدوا أنها ( الكعبة المشرفة ).. فقلت : ( لا شك أن ما ذكرتموه يشكل مصدر مهم لقداستنا الإسلامية إلّا أن الانسان أهم المقدسات على الأرض لأنه نتاج الله جل وعلا الذي كرمه بالعقل وخلقه بأحسن تقويم .. وإذا ما انتهكت كرامة أي مخلوق على وجه الخليقة فذلك يعني انتهاك مقدسات الخالق ) .
فسألني أحدهم ( أستاذ نحن ندرس يائسين لأن الوظائف محدودة جدا وصعبة) . فقلت : ( هذه أحد أهم أزماتنا الاجتماعية والفلسفية إذ أن أفضل الحكومات على وجه الخليقة هي التي تكون بأقل الموظفين وأكثر خدمات للمواطنين .. لذا نحن في العراق نعاني البطالة المقنعة والفائضين .. فضلا عن المفهوم المترسخ في العقل العربي بانه يدرس كجواز مرور للوظيفة في الوقت الذي يعد طلب العلم مقدس من اجل التثقيف وادراك ماهية الانسان ككائن عاقل لا حيوان ناطق شهواني بائس .. أما العمل فينبغي تفعيل القطاع الخاص بما يسد حاجة اليد العاملة المحلية فيما نجد العراق على سبيل المثال فيه بطالة مدهشة مع عمال اجنبية هشة ) .
بخطوة وجدتهم متحمسين لها قلت : ( افتحوا رابطة ثقافية في الفلوجة كونوا قادتها ابحثوا في الوعي والمجتمع والفن والرياضة سيزداد عددكم حتى تبادروا لقيادة المجتمع وخدمة الناس ).
فقال عمر : ( أستاذ : ماذا نستفيد من الثقافة والشهادة اذ لم نتوظف ) . فقلت : ( يا أولادي الأعزاء .. يقول سقراط – ليس مهم أن تتبوء المنصب بل الأهم أن تكون على استعداد لاشغاله بنجاح – وهذه نقطة أساسية يجب أن تستوعبوها . أما الرزق مكفول من السماء لاننا صنيعة الله وهو ولي نعمتنا الأول والأخير هو من كفل ذلك بالسعي وطالبنا بالوعي حيث لا سبيل إليه سوى القراءة وهذا ما أوصيكم به وعليكم التواصل مع أبناء العراق كبقية شبابنا في النجف وميسان والموصل وديالى والأنبار وأربيل وبقية محافظاتنا العزيزة ويقع على عاتقكم مسؤولية بناء البلد وتطوره من خلال تامين حرية الفكر والتعبير ومدنية المجتمع لفهم الواقع وخلاصه من الأمراض المزمنة .