توبكُتّاب وآراء

حمدي رزق يكتب : صحوة الضمير الفرنسى المتأخرة!

كتب الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» عبر منصتى «إكس» و«إنستجرام»: «وفاءً بالتزامها التاريخى بسلام عادل ودائم فى الشرق الأوسط، قررت أن تعترف فرنسا بدولة فلسطين. سأُعلن ذلك رسميًا خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر المقبل».

وكتب وزير الخارجية الفرنسى «جان نويل بارو»، فى منشور على صفحته بمنصة «إكس»: «سلم قنصلنا فى القدس اليوم رسالة من إيمانويل ماكرون إلى السلطة الفلسطينية، وستمضى فرنسا فى الاعتراف الكامل بدولة فلسطين فى سبتمبر.. لقد التزم رئيس الجمهورية بهذا، وسأؤكد هذا الالتزام فى الأمم المتحدة يوم الاثنين المقبل».

أعلاه ما نسميه صحوة الضمير الفرنسى، صحوة متأخرة، أن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى أبدًا.

ماكرون بقراره المتسق مع قيم الجمهورية الفرنسية يستيقظ الضمير الأوروبى، ويُحمّل الضمير العالمى مسؤوليته التاريخية.

يذكِّر العالم الحُرّ بأن هناك حقوقا تضيع، وشعبًا يُباد، ومحرقة لا يتحملها الضمير الإنسانى.

الجمهورية الفرنسية تسترد ما تبدد من قيمها المستقرة فى ضميرها الحى خلال حرب غزة، يسترد ماكرون بهذا القرار أدبيات مستقرة فى ضمير الجمهورية الفرنسية.

صحوة إنسانية متأخرة، انتظرناها على مدى أكثر من عقد من الزمان منذ الحرب الإسرائيلية على غزة فى (يوليو ٢٠١٤)، وبلغت ذروتها بعد (السابع من أكتوبر ٢٠٢٣).

صحوة تترجم قصف جبهة، تخلخل أساسات البناية المؤسسة لحلف الشر (الإسرائيلى / الأمريكى) الذى تكالب على الضعفاء العزل فى غزة. تترجم يقظة ضميرية فرنسية، وصوت عال يكسر حاجز الصمت العالمى المريب.

خطوة ماكرون تضغط إسرائيل وتضعها فى ركن الزاوية متهمة بحرب إبادة، تفند السردية الإسرائيلية، تحبط مخطط التهجير القسرى، تطيح أوهام قادة الدولة العبرية فى فناء الدولة الفلسطينية.

ماكرون بغسل وجه الجمهورية الفرنسية التى لطختها مواقف مائعة طوال شهور الحرب البربرية تغرى بمزيد من الإبادة الجماعية، يسترد الوجه الحقيقى لجمهورية الحرية، المساواة، الأخوة (بالفرنسية: Liberté، égalité، fraternité) ثالوث الشعار الوطنى الفرنسى الذى عمّر طويلًا ويمد ماكرون فى عمره بهذا القرار الشجاع.

لطالما حافظ الفرنسيون على نصاعة شعارهم دوما، وظلت باريس قبلة الحرية، وعنوان المساواة، ومجتمع الأخوة الإنسانية..

يكتب ماكرون العناوين من جديد، يكتبها وينشرها على العالم، ماكرون لا يكذب ولا يتجمل، ولا يطلب «جائزة نوبل»، ويعلم أن عاقبة الأمور ليست فى صالحه، والرياح السوداء ليست فى شراعه. كتبها بشجاعة يؤجر عليها ليس بالمديح فلسطينيًا، والترحيب عربيًا، ولكن بالدعم، ماكرون سيحتاج مددا ودعما فى مقتبل أيامه.

استشاط الإسرائيليون غضبًا، وغضب الأمريكان أشد، أخشى سيدفع الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» ثمنًا فادحًا لاعتزامه الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، يقال فى التحليلات الغربية «ماكرون يحفر قبره سياسيًا».

القرار الفرنسى الشجاع أهاج «زنابير الكابينيت» (القفير الإسرائيلى) وحطوا فوق رأس ماكرون بشراسة، أوسعوه تقبيحًا، بلغ حد السخرية منه، وزير الأمن القومى الإسرائيلى المتطرف «إيتمار بن غفير» قالها ساخرا «إننا نعتبر فرنسا دولة فلسطينية».

أما عن غضب الأمريكان فلا تسل، يجيبك وزير الخارجية الأمريكى «ماركو روبيو»، فى منشور على «إكس»: «هذا القرار المتهور لا يخدم سوى دعاية حماس ويعيق السلام».

المصري اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى