سامي صبري يكتب لـ « 30 يوم » : الإيجارات القديمة.. تعليق أم تصديق؟ (11)

ملايين المصريين يضعون أيديهم على قلوبهم؛ خوفا من تصديق الرئيس على القانون الجديد للإيجارات القديمة، الذى أقره مجلس النواب فى الوقت الضائع، ويتساءلون.. ماذا يحدث لو وقعت الواقعة، وحلت المصيبة بمجرد النشر فى الجريدة الرسمية؟
كما يتوجس كثيرون خيفة إذا حدث العكس، ولم يرد الرئيس خلال 30 يوما، أو رفض التصديق أو طلب إعادة صياغة القانون وتنقيحه ورده إلى المجلس المستمر رسمياً وبكل أسف حتى يناير المقبل؛ لإكمال مدة السنوات الخمس، رغم فض الدورة البرلمانية؟! ففى هذه الحالة يصبح القانون معلقا، ويتم إرجاؤه إلى المجلس القادم، ما لم ينعقد المجلس لمناقشة القانون مرة أخرى وإقراره من جديد بموافقة ثلث أعضائه.
الملاك يستثمرون هذه الفوضى، ويتحصنون بحكم المحكمة الدستورية الملزم للحكومة، ويجبرون المستأجر على تحريك الأجرة إلى سعر السوق الحالى. وتندلع المعارك، عندما يطب المالك من محكمة الأمور المستعجلة فسخ العقد وطرد المستأجر دون انتظار سبع سنوات للسكنى أو خمس للتجارى، بينما يستأسد الطرف الثانى، فلا يخرج ولا يدفع شيئا.
ويحاول الملاك طمأنة أنفسهم بالمادة 123 من الدستور والتى تؤكد على أنه فى حالة عدم التصديق أو التوقيع يصبح القانونا نافذا، بعد 30 يوما من موافقة مجلس النواب عليه، متناسين أن الدستور ربط ذلك بشرط استمرار المجلس فى الانعقاد.
ووسط هذه الأزمة، لا يستطيع المالك رفع دعوى مستعجلة وسيجبر على دعوى عادية، وسنوات مريرة من التقاضى، وسيتجه المستأجر إلى المحكمة ويطلب منازعة التنفيذ، ويطعن على كل مواد القانون الجديد حتى ولو صدق الرئيس عليه، وإذا ما تحولت الدعوى إلى «الدستورية» يصبح القانون معطلا وغالبا ما يفصل فى القضية خلال 6 شهور، ولا تحتاج لأى محامٍ.
إن هذا القانون لن يعمر كثيرا وسيتم تعديله مرة أخرى؛ كونه جاء بلا مذكرة إيضاحية، ولم يحدد الجهة المختصة للطعن فى قرارات لجان تحديد الأجرة، ولا يخلو من اعتداء على أحكام قضائية ثابتة.
فمن الثابت أن عقد الإيجار يعتبر حقا ماليا ينتقل إلى ورثة المستأجر بوفاته؛ وفقًا لحكم المادتين 601، 602 من القانون المدنى والتى تحكم العلاقات الإيجارية. وسواء صدق الرئيس على القانون أو أعاده مرة أخرى لمجلس النواب، فإن المشرع تجاهل عدة نقاط من أهمها: أن تمديد العقود القديمة جاء وفقا لنصوص تشريعية واجبة النفاذ، ولا يمكن المساس بها بأثر رجعى، وأغفل القانون تأكيد المحكمة الدستورية على أن المشرع لا يجوز له أن يهدر التوازن بين الطرفين وبما يخل بمبدأ المساواة وحماية الطرف الضعيف.
كما أغفل ما ورد فى القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية لعام 2002ـ على أن الامتداد القانونى للجيل الأول فى عقود الإيجار لغير الأغراض السكنية لا يجوز المساس به تعسفًا ما لم تتوافر مبررات جدية تتفق مع حكم الدستورية. إضافة إلى أنه يعامل المستأجرين بطرق مختلفة، ويميز فيما بينهم فى المناطق، وفى تاريخ التعاقد وفى الغرض من الإيجار (سكنى أم تجارى)، ما يخل بمبدأ المساواة أمام القانون.
ولم ينتبه المشرع للمادة 78 من الدستور والتى تنص على حق المواطنين فى السكن الملائم الآمن والصحى، حيث لم تحدد الدولة سعرا استثنائيا للمتضررين، ولم تقم بتحفيزهم على ترك العين بإعفائهم من المقدم، ومنحهم مساكن بأقساط تناسب ظروفهم.
وختاما أطالب الحكومة بأن تكون حيادية، لا تفعل الشىء ونقيضه، وتدعو الشعب لخوض معركة الوعى، وهى أصلا تفتقد هذا الوعى. وأطالب المستأجرين ألا يفرحوا بتعليق القانون أو رده مرة أخرى، وألا يتشبثوا بخلو لم يستفد به المالك وحصل عليه الساكن السابق؛ عوضا عن خروجه للمستأجر الحالى. وللحديث بقية إن شاء الله..
SAMYSABRY19@GMAIL.COM
اقرأ أيضا
سامي صبري يكتب لـ « 30 يوم » : الإيجارات القديمة .. رد الخلو أولا « 10 »