توبكُتّاب وآراء

الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» :« جنت على نفسها..»

أخذتهم الحمية، فانطلقوا نحو الموت، في مجموعات منتظمة، وأفراداً لا يعرفون لماذا هم يتقاتلون؟

ذلك وضع الجنوب السوري في الأيام الفائتة، غاب العقل وغابت الحكمة، لم ينفع شيخ العقل جماعته، ولم ينجح شيخ العشيرة في كبح جماح أتباعه، وتسيدت المشهد جرائم يندى لها الجبين، بعد أن سيطرت عقلية الانفلات على من حرضتهم الأطراف، التي يعرفونها جيداً، فهي نفسها من أذاقتهم المرارة والقهر سابقاً.

من فاز في حرب الطوائف؟

لا أحد، فالكل خرجوا من المواجهة مثخنين بجراحهم، يعدون جثامين من قتلوا، ومن قُتلوا من إخوانهم، خسر الجميع، ووقف نتانياهو على أطراف مرتفعات الجولان المحتلة وهو يضحك، فهو الفائز، صاحب الجائزة، من يبحث عن طوق نجاة بين النيران التي يشعلها، ومن يجد من المندفعين من ينفخ عليها لتحرق من لم يحترق بعد.

باعوا تاريخاً من الألفة والمحبة والاحترام، باعوه بأرخص الأثمان، وسيدفعون أثماناً أغلى بعد أن حل الحقد في قلوبهم، وسيتذكرون أنهم كانوا يتشاركون الأرض والمصير معاً، وأن العدو سيبقى عدواً ولن يحل مكان الأخ والجار الوفي، وسيندمون يوم لا ينفع الندم.

السويداء ودرعا وحوران، برمالها وجبالها، وحلوها ومرها، احتضنت ناسها، فما بال هؤلاء الناس يتنكرون لها، ويستبدلون الحب بالكراهية، هل عميت أبصارهم؟ وزاغت قلوبهم؟ ومسحت عقولهم؟ ألا ينظرون حولهم؟ فهذا العراق الآمن قد مزقته تدخلات الأغراب، وتلك ليبيا، الدولة التي لم تكن في يوم من الأيام أرضاً للطوائف والمذاهب والأعراق، بل دولة ذات أصل واحد ومذهب واحد ودين واحد ولغة واحدة، ألم يسألوا أنفسهم لماذا انقسمت على نفسها وتمزق شملها؟ واليمن ضحية تدخل طامع في النفوذ والتمدد، خير مثال على ما ينتظر كل من يظن أن العدو يمكن أن يكون صديقاً، وأن الغريب يمكن أن يكون للأخ بديلاً.

غداً سيفيق هؤلاء الذين اتبعوا «النعرات» الطائفية، وسيعلمون بعد فوات الأوان أنهم جنوا على أنفسهم كما جنت على نفسها براقش!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى