كُتّاب وآراء

سماحة سليمان « لايف كوتش » تكتب لـ « 30 يوم : حين تُسرق القوة باسم الضعف … من هي المرأة الحقيقية؟

في هذا الزمن…

صارت المرأة التي تصرخ،

تستجدي،

تبكي عند الطلب،

وتُتقن مشهد الحاجة…

هي من تُلقَّب بالقوية!

أما تلك التي تصمت،

وتتماسك رغم العاصفة،

وتفكر وقت الغضب،

وتحتوي الآخرين وهي تتألم…

تُهمّش، تُخذل، وأحيانًا… تُتهم بالبرود.

المرأة القوية؟

هي التي تعرف متى لا تتصرف، لأن الموقف لا يستحق ضجيجًا.

وتعرف كيف تتصرف… حين لا يعرف غيرها كيف.

تُجيد الحكمة وقت الارتباك،

الصمت وقت تعالي الأصوات،

والفعل في لحظات الشلل الجماعي.

تتقن فن إنقاذ الآخرين حين يفقدون أنفسهم،

وتثبت حين ينهار الكل.

لا تتعامل مع الحياة كرد فعل،

بل كمن تقرأ المشهد بهدوء،

ثم تدخل فقط حين يكون الحضور ضرورة… لا استعراضًا.

كأنها ذاك الفتى الذي يراقب الغرقى من بعيد،

لا ليبكي معهم،

ولا ليصرخ،

بل ليتقدّم بثبات…

ينزل وسط الموج العالي،

يتحدى التيارات والأعاصير،

ويحاول انتشال كل من يسقط…

حتى لو كان غارقًا في نفسه.

هي تتألم بصمت،

وتحفظ كرامة الجميع حتى في لحظات انكسارها.

لا تطلب الشفقة،

ولا تمثّل الضعف.

تأخذ فقط ما تستحق،

وترفض أن تسرق حقًا لا يخصها… حتى لو كان في متناول يدها.

لكنها – رغم وقفتها – تُخذل.

لأن من حولها ضعفاء،

لا يعرفون كيف يواجهون قوتها…

لا يحتملون صمتها، نضجها، وكرامتها.

فبدل أن يقدّروها، يبدأون بسلبها…

مع سبق الإصرار والترصّد.

وفي المقابل؟

تظهر من تلبس ثوب الحاجة،

وترفع صوتها بلا خجل،

تصرخ: “هذا حقي!”

وتأخذ أكثر من حقها.

لكن الحقيقة؟

هي لا تُمنح احترامًا…

بل تهدئة لفوضاها.

هذه الوقاحة تحوّلت إلى منهج حياة.

أمهات دلّلْنَ أنفسهن على حساب أبنائهن،

ونهشن طاقتهم باسم “أنا تعبت”.

ربّين أبناءً يظنون أن الصوت العالي انتصار،

وأن من يُجيد تمثيل الوجع… هو الأقوى، وان قوتهم تتغذى على ضعف الاخرين

بينما المرأة القوية،

تغرس في أبنائها أن الإنسان يُحترم لا يُستَغل.

تعلمهم أن الشفقة لا تُنتَزع،

وأن الكرامة لا تُباع ولا تُشترى.

زوجات يخنقن أزواجهن باسم التضحية،

ويحكمن البيوت بالدموع… لا بالاتزان.

يبنين علاقات تقوم على الذنب،

لا على المحبة أو الشراكة.

وهنا المفارقة:

تُمنح البطولة لمن تتقن الصراخ،

وتُسلب من التي تُتقن الاحتمال.

القوة اليوم؟

ما عادت جوهر… بل تمثيل.

ما عادت صبر… بل مشهدية.

تُسرق الحياة من القوية…

وتُمنح لمن تُمثّل أنها ميتة،

بينما هي تنهش الحياة وتقتات على ما تبقى من روحها.

آن الأوان نعيد تعريف القوة.

أن نكفّ عن منح الجوائز للضجيج،

وننظر أخيرًا إلى الذين يصنعون الحياة بصمت.

القوية ليست من تصرخ: “أنا موجوعة”،

بل من تقول: “توجعت… لكنني واقفة.”

إلى من يصدق الصورة…

افتحوا عيونكم.

ليست كل دمعة صادقة،

وليس كل صمت ضعف.

هناك نساء يبنين الحياة بكرامة،

وأخريات يسرقنها بالتمثيل.

فلا تمنحوا الشفقة لمن لا يحتاجها،

ولا تحرموا الاحترام ممّن خُلِقوا ليُحترموا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى