الإعلامي الإماراتي محمد يوسف يكتب لـ «30 يوم» : مصالحهم فوق أوطانهم

لم يقل المبعوث الأمريكي إلى سوريا ولبنان ما قاله اعتباطاً، فمثل هذا الكلام لا يمكن أن يكون فكرة راودت ذلك المبعوث، ولا يمكن أن يتحمل تبعاته ما لم يكن ضمن خطط حسم الفوضى، التي أحدثها وكلاء محور المقاومة المهزوم، وحسب تطورات الأحداث في المنطقة تعلمنا أن من يديرون الأزمات، وهما الولايات المتحدة وإسرائيل، لديهم خطط بديلة لكل ما يطرحونه أو يصرحون به.
لقد تحدثوا سابقاً عن إعادة ترتيب الشرق الأوسط، ويتحدثون اليوم عن شرق أوسط جديد، وبينهما كانت «الفوضى الخلاقة»، وقد نجحوا في بعض ما أرادوه، وعرقلت الظروف البعض الآخر، وعادوا بخطط جديدة، ووجدوا دولاً وتنظيمات تكرر الأخطاء، وتصر على مناطحة الجدار كما يقال لمن يواجه القوة الغاشمة ببعض الشعارات والادعاءات الباطلة، وكانت النتيجة هي التي نراها اليوم، وبكل وضوح، غزة ستكون منتجعاً، وسوريا بعض طوائفها محمية من الجيش الإسرائيلي لتحقيق عملية الفرز تمهيداً لتقسيمها متى استدعت الظروف، ولبنان ليس بعيداً عن كل ذلك!
لبنان يقع في قلب الأحداث، فهو الامتداد للفوضى الشاملة من شمال الشرق الأوسط وحتى جنوبه في اليمن، حزب «المقاومة» أدار إشعال النيران، وبثّ الطائفية، ومزق شعوباً ودولاً كان يفتخر مع «الرعاة» الطائفيين بأنهم أصبحوا القوة الإقليمية التي لا تقهر!
ولكنها قُهرت، وهُزمت، ثم مُنحت فرصاً جديدة للعودة إلى واقعها، وحجمها ومقدراتها، بعد أن عرفت جيداً ما قدراتها، وأنها تقترب من الزوال، ولكنه الوهم المتمكن يأبى أن يعترف بأنه لم يعد يملك غير ورقة صغيرة تستر ما تبقى له، وهي ورقة الانضواء تحت راية الوطن، فأما أن يعود حزباً يمثل طائفة من الناس في لبنان أو يستمر في تحطيم ذلك الوطن، وهذا ما أراد المبعوث الأمريكي أن يوصله إلى كل اللبنانيين وليس للحزب الذي ما زال يكابر فقط، عندما قال «لبنان يواجه تهديداً وجودياً، وإذا لم يتحرك فقد يعود إلى «بلاد الشام» مرة أخرى»، وقد فسر معنى ذلك الكلام بالحديث عن العبث الأوروبي في المنطقة عبر اتفاقية تقسيم الدول المسماة «سايكس بيكو» بعد الحرب العالمية الأولى، والتي فصلت لبنان عن سوريا!