هاجر سمير حجازي تكتب لـ «30 يوم» : يحيى الفخراني .. حين يمنحنا الفن القوة على الحياة

في عالم يموج بالمتغيرات، ويزداد فيه الإحساس بالوهن مع تقدم العمر، يظل الفنان الكبير يحيى الفخراني حالة خاصة، تبرهن على أن الفن ليس فقط متعة أو رسالة، بل علاج يمنح صاحبه طاقة للحياة
يبلغ الفخراني اليوم نحو الثمانين من عمره، السن الذي يبدأ فيه الكثيرون بالتراجع عن النشاط اليومي، ويصبح مجرد الخروج من المنزل تحدياً ومع ذلك، نراه يصعد خشبة المسرح بكل أريحية، يؤدي أدواره بحيوية لافتة، يبذل مجهوداً جسدياً وذهنياً كبيراً، ويتعامل مع الجمهور وكأنه في الثلاثين من عمره. مشهد لا يمكن أن تراه دون أن تشعر بالإعجاب والإنبهار، وربما الحرج أحياناً من تقاعس الشباب عن السعي والإجتهاد.
المسرح معروف بأنه أصعب الفنون وأقربها إلى الروح، يتطلب حضوراً ذهنياً ، وقدرة على التفاعل اللحظي مع الجمهور، وضبط الإيقاع واللغة والتعبير. أن يستمر يحيى الفخراني في هذا العطاء، هو في حد ذاته نوع من الشفاء الروحي الذاتي، يُمارَس من خلال الفن ويؤثر فينا نحن كمشاهدين قبل أن يؤثر فيه.
أنا كمتخصصة في العلاج بالفن، أرى في تجربة الفخراني مثالاً ملهماً لما نسميه “القوة المستمدة من الإبداع”. كثير من الدراسات الحديثة أثبتت أن ممارسة الفن أكان تمثيلاً ، أو رسماً، أو موسيقى ، تسهم في تعزيز الصحة النفسية، والتقليل من أعراض التوتر، بل وتساعد أحياناً في مواجهة أمراض الشيخوخة.
لكن الفخراني لم يقرأ فقط هذه الدراسات، بل جسدها أمام أعيننا واقعاً حقيقياً . إختار أن يظل على خشبة المسرح، أن يعانق الفن لا كحرفة، بل كنبض يومي يضخ الحياة في عروقه. ولهذا، لم يعد فقط فناناً كبيراً ، بل أصبح رمزاً للإرادة، ودليلاً حياً على أن الفن يشفي، ويبعث في الروح ضوءً لا يخبو.
تجربة يحيى الفخراني ليست مجرد قصة نجاح فني، بل رسالة عميقة لكل من فقد شغفه أو استسلم لعمره أو أنهكته الظروف:
استعن بالفن، فربما تجد فيه الدواء والطريق للعبور من الضعف إلى القوة.
كل التحية والتقدير للفنان العظيم يحيى الفخراني، الذي أعطانا درساً حقيقياً في الحياة، عبر الفن،وبرهن لنا ان العلاج بالفن عامل مساعد مع العلاج النفسى.
كاتبة المقال متخصصه فى العلاج بالفن