حمدي رزق يكتب :« قهوة سرياقوسي »!!

في فيلم “خد الجميل” انتاج العام ١٩٥١ م، أطل طيب الذكر خفيف الروح “عمر الجيزاوي” على جمهرة المصريين بأغنية خفيفة، (اتفضل قهوة) ألفها فتحي قوره، و لحنها عبد العزيز محمود.
مطلع الأغنية لطيف خفيف ، مالك قاعد ليه بتفكر.. شايل فكر كتير و مكدر .. دنيا حلوه و زى السكر.. دوق و اشرب .. اتفضل قهوه.. كتر خيرك .. اتفضل قهوه .. انا مستشكر .. اتفضل قهوه ..
الأغنية علي خفتها ، كانت عكس المزاج العام، المصريون مشروبهم المفضل الشاي، و حلو الطيبين في ريفنا الجميل ، شاي مسكر، فلم يستسيغونها ( القهوه ) ، وظلت الأغنية كمزحة، طرفة، غربية علي الأذن المصرية.
تذكرت الأغنية مع صدور تقرير طريف عن مركز المعلومات واتخاذ القرار بمجلس الوزراء في (٢٥ يونيو الماضي)، يخبرنا، ان حجم استهلاك (البن) في مصر بلغ نحو ٣١,٥ مليون كيلوجرام في عام ٢٠٢٤، مقابل ٢٩,٨ مليون كيلوجرام خلال عام ٢٠٢٣ بنسبة ارتفاع تبلغ ٥,٧ ٪ !
تحليل مضمون التقرير يؤشر علي تحول في المزاج العام، المصريون يتحولون رويدا رويدا من الشاي الغامق ( المسكر ) إلي القهوة بأنواعها (سادة وع الريحة ومضبوط.. وسكر زيادة تعرف بالسرياقوسي).
المصريون مفطورون علي الشاي، ويفطمون أطفالهم علي رضعة شاي بحليب، ويقال أن بردية فرعونية تتحدث عن الشاي الأخضر كمشروب مفضل لبناة الاهرامات في حكم الأسرات..
الأرقام تقول أن المصريين استهلكوا في عام مضي نحو ٧٥٠٠٠ طن شاي مستورد، والتقديرات نصيب الفرد يصل إلى نحو كيلوجرام شاي سنوياً أو أقل قليلا.
لعقود خلت ظلت القهوة (البن) مزاج النخبة لا يشاركهم فيها العوام، وعادة ما كان يفضل كبار الكتّاب والمفكرين نشر صورهم بفنجان القهوة، دليل الفكر العميق ، يقال عندهم فكر ، وفي الصالونات عادة الهوانم يقرأن الفنجان، والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ، غني لـ(قارئة الفنجان) .. وأعجب بها جمهرة المصريين .
ظلت القهوة تتصدر عزاءات المصريين، قهوة سادة علي روح المرحوم، ومن العيب طلب القهوة زيادة في السرادقات ، تترجم بالنوايا.
عدد محلات بيع البن في مصر تتكاثر، سيما في المدن والتجمعات المسورة، (الكومباوندات)، وتشيع بين شباب المصريين القهوة الجاهزة (RTD) وتشهد نموًا كبيرًا في السنوات الأخيرة.
تحليل مركز المعلومات يرصد تفضيل المستهلكون المصريون لاستهلاك الطعام والشراب أثناء التنقل، مما ساهم في زيادة شعبية القهوة الجاهزة للشرب، فضلا نمط الحياة المزدحم، ساهم في زيادة رغبة الأفراد في الطلب على المشروبات الجاهزة سيما القهوة ، علي الطرق الطوالي ،
علامات القهوة العالمية حجزت مكانا لها في أرقي الأماكن الأكثر ثراء، يلفتك التقرير عن أسواق القهوة في مصر التوسع في تنوع المنتجات، حيث قامت العلامات التجارية المحلية والعالمية بالاعتراف بجاذبية هذا السوق، وقدمت مجموعة واسعة من خيارات القهوة؛ لتلبية تفضيلات المستهلكين المختلفة. ويشمل ذلك التغييرات المضبوطة في النكهات ، وتنسيقات التعبئة ومحتوى الكافيين، علاوة على ذلك، هناك تركيز متزايد على الخيارات الصحية، مع إدخال البدائل ذات السكر المنخفض والنباتية لمنتجات القهوة الجاهزة التقليدية.
الرغبة في تجربة المنتجات الجديدة، مع كون عدد السكان في فئة الشباب في مصر يمثل فرصة سوقية هامة لكبرى الشركات العالمية في سوق القهوة، هناك طلبا قويا على تلك المشروبات الجاهزة من جيلي زد وألفا .
يفضل المصريون القهوة السادة (بدون سكر) أو القهوة المظبوطة (كمية معتدلة من السكر)، اما القهوة السرياقوسي عبارة عن 3 معالق سكر لكل معلقة بن (3 سكر + 1 بن) ، المفضل عند المبتدئين في شرب القهوة أو اللذين يشربوها على فترات متباعدة.
النساء تفضل القهوة السرياقوسي لانها مسكرة وخفيفة ، كما يفضل الكثيرون تحضير القهوة بالطرق التقليدية، على “الكنكة” (إبريق صغير) أو على الرمل الساخن، القهوة مشروب الصباح، والشاي مشروب الغروب، وأخر الليل، وفي الأخير إحنا اللي بنحاسب على المشاريب!
نقلا عن أخبار اليوم