الخبير التحكيمي أحمد الشناوي يكتب لـ « 30 يوم » : مونديال الأندية يدق ناقوس الخطر

التوقيفات المتكررة في مباريات كأس العالم للأندية 2025 المقامة حاليا في الولايات المتحدة، وتختتم منافساتها في نسختها الجديدة الأحد المقبل، التوقفات المتكررة خلال المباريات، واضطرار المنظمين لإخراج الجماهير وإدخالهم للمدرجات في أكثر من مباراة جعلها ليست مباراة قدم، بالإضافة إلى الخطر المحتمل أن يتعرض له الجماهير أو اللاعبين ما يفسد البطولة، ومخاطر إخلاء المدرجات مرارا .
و من الضروري الإعداد المبكر والجيد من جانب الدول التي ستستضيف مباريات كاس العالم 2026 وهي الولايات المتحدة والمكسيك وكندا بالتعاون مع الاتحاد الدولي “فيفا” حتى لا تكون عرضة لسوء الأحوال المناخية، مع توافر البدائل وسائل الأمان الكاملة حفاظا على اللاعبين والجماهير وشكل البطولة ومتعتها.
مونديال الأندية شهد سلسلة من الإخفاقات المرتبطة بسوء الأحوال الجوية، والتى أدت إلى إيقاف أكثر من مباراة وتأخير عدد من المواجهات المهمة في البطولة، وبات من الضروري إعادة دراسة لمعرفة مدى جاهزية أمريكا لاستضافة كأس العالم للمنتخبات عام ٢٠٢٦.
وجاء توسيع المشاركة في بطولة كأس العالم للأندية في نسختها الحالية 2025 إلى 32 فريق، بعد أن كانت في النسخ السابقة لا تضم سوى 7 مشاركين (أبطال الاتحادات القارية (الأوروبي – الإفريقي – الآسيوي – أمريكا الجنوبية – الكونكاكاف – أوقيانوسيا) بالإضافة للبلد المضيف، ليزيد عدد المباريات إلى جداول الفرق الكبرى، المزدحمة بطبيعتها، في حين لم يتم تقليص أي مباريات أخرى لتعويض ذلك.
و النسخة الجديدة من البطولة تمثل إجهادا للفرق واللاعبين بكثرة المباريات في مرحلة يفترض أن تستعد الدول لكاس العالم للمنتخبات، إذا أدخلنا في الحسبان أن بطولة اليورو أيضا ستبدأ بعد عام من كاس العالم، وتضارب البطولات الكبرى يمثل عائقا.
و النظام الجديد بتقسِيم الفرق الـ 32 إلى ثماني مجموعات ، تضم كل منها أربعة فرق، ويتأهل أول فريقين من كل مجموعة إلى الأدوار الإقصائية، التي تبدأ بدور الـ16، هو إعادة إنتاج للشكل التقليدي الذي يتم به كأس العالم لمنتخبات الدول ودوري أبطال أوروبا، ولكن بمشاركة فرق من جميع أنحاء العالم (12 من أوروبا، وستة من أمريكا الجنوبية، وأربعة من أميركا الشمالية والوسطى، وأربعة من آسيا، وأربعة من أفريقيا، وواحد من أوقيانوسيا، وواحد مستضيف، على وجه التحديد.
ومنذ ابتدع جوزيف بلاتر الأمين العام السابق للفيفا بطولة كأس العالم للأندية عام 2000 كانت بمثابة “بروفة” للدولة التي ستستضيف كاس العالم للدول، وكانت النسخة القديمة أشبه بكأس عالم مصغر يستطيع الفيفا من خلاله تقييم قدرة الدولة على استضافة كأس العالم للمنتخبات من منشآت واستيعاب الجماهير والإقامة والانتقالات والبنية التحتية للاستضافة، لكن النسخة الجديدة أصبحت مشابهة تمام لكاس العالم للدول وهو إعداد للدول التي ستستضيف النسخة القادمة وهي أمريكا وكندا والمكسيك.
لاشك أنه من الجيد قياس قدرة الدولة أو الدول التي ستستضيف كأس العالم للمنتخبات، كما حدث في نسخة عام 2002 في اليابان وكوريا وكانت فكرة جيدة من بلاتر، وهنا يجب الإشارة لظهور مشكلة التوقيفات التي شهدتها عدة مباريات بالنسخة الحالية من بطولة كأس العالم للأندية التي ستستضيفها أمريكا والتي ستسضيف كأس العالم للدول العام القادم وعلى الاتحاد الدولي أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار لأن التوقيفات المتكررة تفسد البطولة ومتعة كرة القدم، وستكون أمرا غير مقبول في بطولة كاس العالم للمنتخبات.
و حاليا يتم دراسة تعديل الشكل الحالي لتصبح التصفيات لكاس العالم للأندية والأدوار التمهيدية قارية، لنصل في النهاية إلى الأدوار الإقصائية بداية من ربع نهائي البطولة والتي يمكن حينها أن تستضيفها الدولة المضيفة لكاس العالم للأندية، فتكرار مباراة بحجم المواجهة بين باريس سان جيرمان وبايرن ميونخ على سبيل المثال في نفس البطولة، يفقد المبارة بعض إثارتها والشغف لدى الجماهير ويجعلها تبدو اعتيادية لعشاق الساحرة المستديرة.
وتعقب الجماهير لأنديتها ومنتخباتها في كل البطولات ليس أمرا سهلا في تكراره مع كأس العالم للأنية، وكاس العالم للمنتخبات، وكاس القارات، في حين أن وجود الجماهير هو الذي يصنع شعبية اللعبة وجمالها، وبالتالي يجب وضع تحركات وانتقالات عشاق اللعبة والجماهير وراء أنديتها في حسبان المنظمين لأي بطولة.
ووصول فريق الهلال السعودي لربع النهائي للبطولة “إنجاز كبير” ولكن في النهاية “money talks”، بمعنى أن الاستثمار في شراء اللاعبين بمبالغ فلكية وكذلك جلب كبار المدربين في العالم جعل لفريق الهلال شكلا مختلفا لا يقل عن الأندية الأوروبية الكبيرة، وهذا الحجم من التمويل والاستثمار في اللعبة أمر لا تملكه كل الأندية العربية بطبيعة الحال، وهذا ليس عيبا في كل الأحوال في صناعة كرة القدم.
مكافآت البطولة والصعود للأدوار النهائية لا تمثل أهمية كبيرة للفرق الكبيرة الأوروبية والعربية التي تنفق أضعافها في صفقات شراء اللاعبين ومعسكرات الإعداد، ولكنها قد تمثل فارقا للأندية ذات الإمكانات المادية المحدودة مثل معظم الفرق العربية والآسيوية واللاتينية التي تشارك في البطولة.
أداء الفرق العربية باستثناء الهلال السعودي لا يمكن مقارنته بأداء الفرق الاوروبية وبعض الفرق الخليجية التي تملك استثمارات ضخمة في اللاعبين وهو عنصر مؤثر في الخبرات والأداء، ففرق الأهلي المصري أو الوداد المغربي او الترجي التونسي لا تملك نفس الإمكانات خاصة أن الاحتراف مسالة اقتصادية تتعلق بقدرات الأندية.
ولكن على المستوى الفني أيضا، أضاع فريق الأهلي فوزا كان ممكنا في مباراته الافتتاحية أمام إنتر ميامي ولم يصل لمرمى الخصم في الشوط الأول للمبارة، بالإضافة لتفوق وأداء ميسي وزملائه، واكتفى الأهلي بالتعادل وهو ما اثر عليه سلبا في باقي المباريات.
وكان أداء الفريق أقل أمام بالميراس البرازيلي فمني بهزيمة كبيرة، وصولا في مباراته الثالثة للتعادل مع بورتو في أداء جيد كان يجب أن يظهر به من البداية، متذيلا مجموعته بنقطتين فقط من تعادلين وهزيمة، وكان يفترض أن يكون منحنى أداء الفريق تصاعديا، خاصة أن البطولات التي تعتمد على المجموعات تحتاج إلى نفس طويل.
ووقوع العين الإماراتي والوداد المغربي في مجموعة واحدة قلل فرصة الفريقين في الصعود وكانت هزيمة الوداد أما العين بهدفين مقابل هدف في دور الـ32 بمثابة رصاصة الرحمة للفريقين لتوديع البطولة.
ولم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للترجي التونسي الذي أقصي من البطولة بعد أن حل ثالثا في المجموعة الرابعة بثلاث نقاط إثر خسارتين وفوز وحيد على فريق لوس أنجلوس وهو فريق متواضع الاداء، أما أداء الوداد المغربي فمن الظلم أن يقاس بأداء منتخب المغرب المبهر في كاس العالم الاخير في قطر، فمستوى اللاعبين مختلف كلية، ومعظم لاعبي المنتخب في الدوريات الأوروبية وليس الدوري المحلي، مثل أشرف حكيمي الذي يلعب صالح باريس سان جيرمان الصاعد إلى نهائي البطولة.
و توقيت إقامة بطولة كاس العالم للأندية أو غيرها من البطولات الدولية ليس أمرا مقدسا ويقوم الفيفا بدراسته جيدا وإعادة النظر فيه أيضا، فبعد نهاية الموسم وقبل بداية فترة الإعداد للأندية في يونيو قد يخدم البطولة واللعبة وكذلك الأندية المشاركة رغم ما يعتبره البعض إجهادًا بعد موسم طويل.
و الاحتراف والصناعة خاصة للأندية الكبيرة يعني وجود بدائل لا تجعل الفريق مجهدا نتيجة تقارب البطولات وهذا أمر نسبي يختلف من فريق لآخر، وتغيير توقيت انطلاق كأس العالم الأخير في قطر عام 2022 بناء على رغبة الدولة المنظمة أثبت أن جاهزية اي دولة للبطولة يعطيها الحق في تحديد عناصر النجاح الكاملة والتي لابد أن يستجيب الاتحاد الدولي أمامها لتخرج البطولة بالشكل الذي رأيناه في 2022.
و معيار الظروف المناخية أصبح حاسما في اختيار التوقيت وليس بداية أو نهاية موسم أو ارتباطه بفترة الإعداد للأندية، في ظل التغيرات المناخية الحالية التي تشمل كل البلدان، حفاظا على اللاعبين والجماهير والظروف المناسبة لإقامة أي بطولة دولية.