سامي صبري يكتب لـ «30 يوم» : الإيجارات القديمة وحكومة اللحظات الأخيرة «8»

فى وقفة شجاعة من رئيس مجلس نواب مصر، صفع الدكتور حنفى جبالى حكومة مدبولى بلطمة مباشرة وقوية خلال مناقشة قانون الإيجارات القديمة وتعديلاته، التى قدمتها الحكومة على عجالة ودون دراسة كافية.
كان الرجل صريحاً جداً وهو يكشف إلى أى مدى تستهتر الحكومة بالشعب ونوابه وهى تريد تمرير قانون غير مكتمل، وهو ما جعل كل نواب المجلس يصفقون له بحرارة عقب إعلانه عن تأجيل مناقشة القانون حتى تستعد الحكومة بشكل أفضل وتقدم الإحصاءات الواقعية التى بناء عليها يحسم النواب موقفهم فى التصويت.
أو كما قال نصاً «إن الحكومة قد أتت إلى البرلمان وهى غير مستعدة وينقصها البيانات والإحصاءات المهمة، وهذه ليست المرة الأولى، فقد سبق وأن أحالت الحكومة إلى المجلس مشروعات قوانين عديدة دون أن تكون قد أجرت بشأنها الحوارات المجتمعية اللازمة أو دراستها بدقة، وبما يمكن النواب من التصويت بصورة واضحة، ولن أطيل عن ذلك، وأرجو أن تكون الرسالة قد وصلت للحكومة».
على قدر فرحتى برئيس المجلس والنواب، وهو يدعو جميع النواب بكافة اتجاهاتهم وجميع وسائل الإعلام لحضور الجلسة الاستكمالية لمناقشة التعديلات، على قدر ما حزنت على حال حكومة مدبولى بشكلها «البايخ قوى» والمستشار جبالى يلقنها ووزيرها درساً قوياً فى طرق تقديم القوانين.
ويبدو أنها أدمنت هذا التوبيخ من النواب والشعب، فكثيراً ما يتم ضبطها نائمة فى العسل، قبل أن تستيقظ من غيبوبتها، ولكن اللطمة هذه المرة جاءت قوية؛ لأنها من رئيس المجلس نفسه، كونها تعمدت تقديم العديد من القوانين على عجالة ودون دراسات كافية فى الأيام الأخيرة من عمر المجلس، وفى ختام دورة يعقبها مجلس آخر جديد وانتخابات جديدة مقبلة، دون تدعيم مشروعات القوانين بمعلومات دقيقة وبيانات واقعية وإحصاءات تفصيلية تساعد صاحب القرار، سواء كان سلطة تشريعية أو تنفيذية على اتخاذه. وقد حذر رئيس «النواب» من مغبة هذا السلوك غير المسئول من الحكومة ومن عواقب ذلك الاستهتار وسلبياته على صورتها فى عيون المواطنين ونواب الشعب.
وإضافة إلى صفعة جبالى التى تستحقها عن جدارة حكومة الأزمات، تطل العديد من التساولات: لماذا تأخرت الحكومة فى تقديم هذه التعديلات؟ أين كانت منذ أن أعلنت المحكمة الدستورية عن حكمها وطالبت بتغيير القيمة الإيجارية وتقديم قانون يحقق التوازن فى العلاقة بين المالك والمستأجر؟
هل كانت الحكومة تعتقد أنها بسلطانها وجبروتها واحتمائها بالرئيس ستنجح فى تمرير قانون مسلوق وسط زحمة القوانين الأخرى التى قدمتها بشكل سريع فى الشهرين الأخيرين قبل انقضاء الدورة الأخيرة من عمر مجلس ظل هو الآخر كامناً ومستكيناً حتى استيقظ نوابه فجأة، عندما شعروا أن مقاعدهم هذه لن يروها مرة أخرى فى الانتخابات الوشيكة، وعليهم تشمير سواعدهم وإطلاق حناجرهم، ورفع الصيحات، وافتعال المعارك فى الوقت الضائع؛ ليقولوا للناخب «نحن هنا»؟.
الكارثة أنه وعلى الرغم من رجوع القانون للحكومة لتقوم بتعديله وتضمينه مواد أخرى تحقق التوازن وترضى الطرفين، إلا أنها فشلت للمرة الثانية فى كسب ثقة نواب المجلس ولم تنجح أيضا فى كسب ثقة الشارع المصرى الذى لم يعد يصدق وعود وزرائها.
المشكلة الآن فى حتمية تمرير القانون والموافقة عليه بأى شكل من الأشكال تنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية، وخاصة فيما يتعلق بالقيمة الإيجارية، وإلا ستكتظ أروقة المحاكم بملايين القضايا والدعاوى التى يطالب فيها الملاك المستأجرين بإيجارات مرتفعة جداً وبالأسعار الحالية وإن لم يستجب المستأجر سيأخذ الملك حكماً بطرده أو على الأقل فسخ العقد، وتحتدم المعركة وتولع مصر بسبب حكومة رخوة ومستهترة لا تتحرك إلا بعد وقوع الكارثة… وهذا ما يفسر موافقة مجلس النواب عليه من حيث المبدأ لحين الموافقة النهائية عليه أمس. وكل عام وأنتم بخير! وللحديث بقية إن شاء الله
Samysabry19@gmail.com