سماحة سليمان « لايف كوتش » تكتب لـ « 30 يوم: إعادة صياغة الرجولة … من السيطرة إلى الاحترام

في كل زمن، تتبدّل المفاهيم.
لكن هناك مفاهيم آن لها أن تُنقّى، لا أن تتبدّل فقط… منها: الرجولة.
في مجتمعاتنا، كبرنا على أن الرجولة هي صوت مرتفع، قرار لا يُرد، وربما حتى نظرة تفرض وجودها دون أن تُسأل.
كبرنا على أن “الرجل لا يُسأل”، وأن “المرأة يجب أن تبرّر”.
لكن الحقيقة أن الرجولة لا تُقاس بالقوة التي تفرضها على الآخرين، بل بالقيم التي ترفع بها من حولك.
أن تكون رجلًا، لا يعني أن تعتبر كل أنثى تراها مساحة مباحة لتأويلاتك.
ولا أن تظن أن ظهور المرأة في الفضاء العام هو دعوة لأن تختبر حدودك معها.
الرجولة الحقّة لا تنبع من فرض الهيبة، بل من عمق الوعي والاحترام.
ما هي الرجولة التي نعيد صياغتها؟
نُعيد صياغة رجولة لم تُربَّ على المسؤولية، بل على الامتياز.
رجولة ظنّت أن صوتها وحده هو الحق، وأن الأنثى التي تُعبّر، تتكلم، أو تظهر، هي بالضرورة “أقل حذرًا” أو “تبحث عن انتباه”.
رجولة اعتادت أن تُفسّر وجود المرأة، لا أن تصغي له.
أن تُراقب خطواتها، لا أن تحترم حريّتها.
نُعيد صياغة رجولة تظن أن الحضور الأنثوي “متاح”، بدل أن تفهم أنه “حرّ”.
الظهور ليس ضعفًا، والأنوثة ليست دعوة
ليس كل ظهور أنثوي دعوة…
وليس كل ابتسامة استئذانًا…
المرأة، حين تتكلم، أو تظهر، أو تعبّر، لا تطلب شيئًا سوى أن تُرى كما هي: إنسانة…
عندما نختصر المرأة في مظهرها، نخسر جوهرها.
وعندما نضع معايير النية في تصرفاتها، نكون قد تجاوزنا دورنا، واحتلينا مساحتها.
المرأة ليست في حالة تبرير دائمة، ولا على الرجل أن يكون في موقع “التحليل”.
بل على الجميع أن يتعلم فنّ النظر باحترام، وفنّ الصمت حين لا يكون هناك ما يقال سوى الكرامة…
مساحة المرأة ليست للسطو، بل للمشاركة
المرأة لا تدخل عالم السوشال ميديا لتستأذن أحدًا.
ولا تظهر لتطلب رأيًا في شكلها أو صورتها.
هي تشارك، تعبّر، تنشر، تعيش.
الخطأ ليس في وجودها، بل في العيون التي لا تعرف الفرق بين المشاركة والتطفل.
في العقول التي ترى وجود الأنثى في مساحة عامة، دعوة لأن تُنتَقَد، أو تُحدَّد، أو تُمتَلك.
هذه المساحة ليست ملكًا لأحد.
ومن لا يستطيع أن يتواجد فيها باحترام، فعليه أن يغادرها…
كيف نرتقي بالنظرة؟ كيف نعيد للمرأة مكانتها؟
الاحترام لا يبدأ عند المرأة، بل يبدأ في داخل كل رجل:
هل ترى الآخرين كأنداد؟ كشركاء في الحياة؟ كذوات كاملة؟
أم ترى نفسك وصيًّا على وجودهم؟
الرجولة الحقّة هي التي تعرف كيف تمشي إلى جانب المرأة، لا أمامها…
أن تُقدّر حضورها لا أن تُراقبه، أن تسمع صوتها لا أن تقيّمه، أن تحمي حقها لا أن تُحدد لها شكل هذا الحق.
الخاتمة:
حين نرتقي برجولتنا، نرتقي بأنفسنا
الرجولة ليست رد فعل على أنوثة.. وليست يقظة غرور أمام حضور ناعم.
الرجولة موقف.. وعي.. تهذيب.. ومسؤولية..
عندما يرتقي الرجل في رؤيته للمرأة، فهو يرتقي في إنسانيته أولًا.
فكل نظرة مهذبة، كل كلمة موزونة، كل موقف راقٍ، هو انعكاس لما في داخله… لا لما أمامه.
هي ليست متاحة،وليست مدينة لك بتفسير،
هي ببساطة: إنسانة..فكن كذلك… إنسانًا…
اقرأ أيضا
سماحة سليمان « لايف كوتش » تكتب لـ « 30 يوم » الحب الحقيقي ..!