أخبار مصرتوبكُتّاب وآراء

سامي صبري يكتب لـ «30 يوم» : الإيجارات القديمة والعوار الدستورى (7)

أيام قليلة، ويسدل مجلس النواب الستار على أخطر قانون يناقشه المجلس فى ختام دورته الحالية، ومن الواضح وكما تتجه المؤشرات، فإن المجلس سيقر مشروع القانون بآخر تعديلاته، التى أصبحت فيها الفترة الإنتقالية سبع سنوات للسكنى وخمس سنوات للتجارى، وتحرير العلاقة الإيجارية أو إخلاء العين بعد تلك المدة.

ومع احترامى الشديد للمجلس ونوابه، سيولد هذا القانون الجديد أزمات أخرى اجتماعية وقانونية وأمنية أيضًا، إن لم يتم إنقاذه مبكرًا، وخاصة بعد أن أكد خبراء فى القانون عدم دستورية الفقرة الخاصة بطرد المستأجر وإخلاء العين بعد انتهاء المدة المحددة.

أتفهم جيدًا مدى حرص الدولة على وضع حل للعلاقة غير العادلة بين المالك والمستأجر والتى يدفع ثمنها المالك الذى لا يوازى ما يحصل عليه من تأجير عمارة كاملة (وجبة فطار فول وطعمية).

ولكن المشكلة فى شبهة عدم الدستورية التى قد تبطل القانون المعدل، ونعود مجددًا إلى المربع صفر، وتكتظ ملفات المحاكم مرة أخرى بآلاف الدعاوى، وفى النهاية لن يخرج المستأجر ويشتبك مع المالك، الأمر الذى يسبب ضغطًا شديدًا على أجهزة وزارة الداخلية وعلى السلم الاجتماعى .

وبغض النظر عن مدى جاهزية الحكومة فى توفير السكن البديل والسريع وتعويض غيرالقادرين من المستأجرين، يبقى العوار الدستورى أمرًا مقلقًا للغاية؛ لأن المحكمة الدستورية فى حكمها الصادر عام 2024 لم تقض بطرد المستأجر وإخلاء العين، وإنما تعديل القيمة الإيجارية فقط، فضلًا عن وجود حكم سابق للدستورية عام 2002 بامتداد عقد الإيجار للوريث الأول للمستاجر الأصلى.

إن القانون الجديد عند إقراره بشكله الحالى لا يحقق هدف المحكمة الدستورية العليا، وهو إنصاف المالك وليس طرد المستأجر، ولذا يجب على مجلس النواب، توفير القانون المناسب والعادل، والذى يلبى توجهات الرئاسة، ولا يؤدى إلى أزمات ومشاكل مستقبلية تسبب صداعًا مزمنًا للجميع.

نعم يجب تحقيق العدالة وإنصاف المالك، ولكن من يضمن أن تسير العملية على ما يرام يوم انتهاء المدة وطلب المالك من المستأجر الفقير وليس القادر تسليم العين، ورفض؟ أكيد سيلجأ إلى القانون والقوة الجبرية، وهنا ستجد الدول وأجهزتها أمام آلاف الرافضين للتسليم رغم أنف القانون، ولدينا عشرات الآلاف من أحكام الطرد لم تنفذ حتى الآن!

يجب أن ينتبه النواب وهم يوافقون بشكل نهائى، أن هناك فارقًا كبيرًا بين إعداد النصوص القانونية، وبين تطبيقها فعليًا على الواقع، ولا سيما فى مثل هذه القضايا الاجتماعية والأمنية والاقتصادية المتشابكة والمعقدة.. فمن المستحيل مثلًا تنفيذ هذا القانون على مليون وحدة سكنية تقرر طرد المستأجرمنها بعد سبع سنوات؟!

ومن المستحيل أيضًا أن تتناسب التعويضات المقررة حاليًا مع ما تكون عليه الأوضاع والظروف الاقتصادية والمعيشية بعد 7 سنوات، وكل شىء يتضاعف سعره مرة ومرتين حاليًا؟ وسيدفع الجميع ثمن الغضب الشعبى الذى قد ينفجر فجأة، ويحدث ما لا تحمد عقباه؟

أخشى ما أخشاه أن يخالف مجلس النواب وهو جهة تشريعية، وكذلك الحكومة، مبدأ الأمان القانونى واستقرار المراكز القانونية، ويتجاهلان أن العقود القديمة امتدت وفقًا لنصوص تشريعية واجبة النفاذ، ولا يمكن المساس بها باثر رجعى.

سيغضب الملاك من كلامى هذا، ويعتقدون أننى ضدهم، ولكن أبدًا والله، لست مع أو ضد طرف على حساب آخر، أنا فقط مع مصر واستقرارها، ومع الملاك والمستأجرين أيضًا، فكلنا مصريون، ويجب أن نراعى جميعًا مصلحة بلد تواجه تحديات جسام، داخليًا وخارجيًا، وسط ظروف ومتغيرات إقليمية ودولية مقلقة بل مرعبة للغاية، قد تمتد بحالتها هذه لسنوات عديدة مقبلة وتلقى بظلالها وتبعاتها على مصر وشعبها .

وللحديث بقية إن شاء الله ..

Samysabry19@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى