صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : وسامة نتنياهو المفاجئة

قبل الضربة الاستباقية الإسرائيلية المجنونة فجر الجمعة الماضى، والتى دمرت منظومة الدفاعات الإيرانية ومهدت لجسر جوى مفتوح دون عوائق نحو أجوائها، يتنزه فيها الطيارون،ظهر نتنياهو قبلها بساعات بعد اتصال هاتفى بترامب، وأطلّ أنيقا -على غير المعتاد- مبتسمًا بشعره الرمادى المصفف، والدموية تجرى بوجهه، مرتديًا بدلة داكنة، وقميصًا أبيض جذّابًا، ورابطة عنق لافتة، فى هيئة غير مسبوقة منذ أكتوبر 2023، حتى فى سفرياته لأمريكا ولقاء بايدن وترامب وأشاوس البيت الأبيض!.
ومع الربط بين نشوة نتنياهو، والوسامة عقب الاتصال بترامب، كان الشعور بأن هناك شيئًا مهمًا سيحدث ولم تصل التوقعات نحو هجوم إسرائيلى مفاجئ على إيران فى وقت يتحدث فيه ترامب عن مفاوضات مع طهران خلال ساعات، فى تمثيلية لـ«تخدير إيران» وكشف غطائها لضربة شلت قوتها وأصابتها بالصدمة والرعب، مثلما حدث لمصر صباح 5 يونيو 67 وتدمير الطائرات المصرية الرابضة بالمطارات،- مع الفارق فى الزمان والمكان والحدث نفسه- وهى سياسة صهيونية منذ نشأتها تدفع بالجميع نحو زاوية معينة وتلقى بكل قوتها باتجاه آخر لتحقيق أهدافها وتعزيز وجودها وتفوقها.
طلّت نتنياهو كانت تشِى أنه تخلص من كابوس جاثم على صدره لشهور فى أزمة إقناع ترامب وإطلاق يده فى إيران.
البعض نظر لهجوم نتنياهو على إيران بالمغامرة قد تطيح به وتكتب نهاية حياته السياسية، بينما نظر إليها–ليقينه بالدعم الأمريكى المتواصل- بأنها «طوق النجاة» لاستمراره ووضع اسمه ضمن قائمة من كتبوا التاريخ الإسرائيلى مع عظمائها، بن جوريون، وجولدا مائير، ومناحم بيجين.
وقبل الضربة، نجح نتنياهو فى الضغط بقوة عن طريق اللوبى اليهودى بأمريكا والمقربين من ترامب لتغيير فكره ورؤيته، لأهمية توقيت الضربة فى التخلص من عبء المعارضة الداخلية والدعوة لحل الكنيست وإسقاط الحكومة، وإنهاء قوة إيران النووية التى على مشارفها، بعد تفكيك أذرعها، وفى عام حيّيد الجميع وانفرد بإيران! وبعد الضربة استخدم دهائه كالعادة مستغلًا نقاط ضعف ترامب لدفعه نحو الحرب!
نتنياهو يعلم مدة الحرب على إيران لن تزيد على أسبوعين بعد تدمير صواريخها الباليستية وقدراتها النووية التى تتقلص يومًا بعد يوم، مع السيطرة على أجوائها واصطياد كل موقع ومصنع وحجر!
ما حدث فى الشهور الأخيرة يكشف عن درسين مهمين:
أن إيران دخلت «الصراع النووى» قبل التفكير فى حمايته بقوة عسكرية كبرى «جامعة»، من منظومات دفاعية قوية، وأسطول مقاتلات «طراز فريد»، وغيرها، وأضاعت سنوات فى التشدد والتعالى وتشكيل ميليشيات تمثل محورًا إيرانيًا باحتلال 4 دول عربية، وتجسيد العداء مع الدول الخليجية بدلًا من الاعتدال والاحتواء والاندماج مع الجيران فى مشروعات اقتصادية خاصة أن الله سبحانه وتعالى حباها بثروات متعددة، ولكن كان من الصعب الانسلاخ من خيط نسجته لنفسها مع نهاية السبعينيات!
والثانى، أن العالم لا يعرف إلا لغة القوة ولا يحترم إلا الأقوياء، وإذا كنت تستشعر أنك فى أمان وتنخدع بتصريحات الآخرين فهو ينتظر ضعفك للانقضاض عليك، وسلاح القوة يتغير من يوم لآخر، ولو أجلت معرفة اليوم للغد فقد منحت عدوك فرصة لحصد نقاط فى سباق طويل سينتهى يومًا باصطدام واصطيادك!
اقرأ أيضا
صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : إنهاء العلاقة قنبلة موقوتة!