
شهد العالم خلال العقود الأخيرة تحولات اقتصادية وتشريعية كبرى، فرضت على الدول النامية والناشئة – ومنها الدول العربية – أن تفتح أبوابها للاستثمار الأجنبي، باعتباره أحد أهم روافد التنمية الاقتصادية، ومصدرًا رئيسيًا لتدفق رؤوس الأموال والتكنولوجيا وفرص التشغيل.
وقد واكب هذا الانفتاح الاستثماري الحاجة إلى تهيئة بيئة قانونية آمنة تُشجّع المستثمر الأجنبي على ضخ أمواله في المشاريع، دون خوف من المخاطر غير الاقتصادية، وعلى رأسها المخاطر الجنائية، التي قد تنشأ من جرائم الغش، الفساد، الابتزاز، أو إساءة استخدام السلطة.
وفي هذا الإطار والنهج يناقش الدكتور نبيل عرفى رسالة الدكتوراة بكلية الحقوق جامعة عين شمس الأربعاء المقبل حول كيفية تهيئة بيئة قانونية آمنة تُشجّع المستثمر الأجنبي على ضخ أمواله في المشاريع، وأهمية الحماية الجنائية لعقود الاستثمار وتدفق رأس المال الأجنبي، باعتبارها أحد أدوات تعزيز الثقة بين المستثمر والدولة، وضمان عدم تعرّض الاستثمارات لأعمال إجرامية سواء من أطراف خاصة أو من موظفين عموميين يستغلون مناصبهم.
ويُطرح في هذا السياق تساؤل جوهري: “هل توفّر القوانين الوطنية والدولية حماية جنائية فعالة ومتكاملة لعقود الاستثمار وتدفق رأس المال؟ وهل هذه الحماية كافية لردع الاعتداءات وتأمين مناخ استثماري آمن؟”
وللإجابة عن هذا التساؤل، تتناول هذه الدراسة الإطار المفاهيمي والقانوني لعقود الاستثمار، وتشرح طبيعة الحماية الجنائية المرتبطة بها، كما تسلّط الضوء على الجرائم التي تمس الاستثمار ورأس المال، سواء من جانب المستثمر، أو الموظف العام، أو أطراف ثالثة.
كما تُحلل الدراسة الوسائل القانونية والجنائية التي أتاحها المشرع لحماية هذه العقود، سواء من خلال القواعد العامة في القانون الجنائي، أو من خلال نصوص خاصة تتعلق بالاستثمار
وفي النهاية، تهدف هذه الرسالة إلى تقديم رؤية علمية واقعية ومتكاملة تسهم في دعم سياسات الحماية القانونية للاستثمار الأجنبي، وتقديم توصيات عملية تسدّ الثغرات التشريعية أو الإجرائية، بما يخدم الأمن القانوني والاقتصادي للدولة والمستثمر معًا.