عادل يوسف يكتب لـ «30 يوم» : الخلاف الذي شوه ذهب الفراعنة
شهدت رياضة تنس الطاولة المصرية، التي طالما اعتادت على الإنجازات القارية بفضل نجومها، فصلاً مؤسفًا من الخلافات كان بطلها النجم الأول للعبة، عمر عصر، وذلك خلال مشاركة المنتخب في البطولة الأفريقية الأخيرة.
ما كان يجب أن يكون احتفالاً بالهيمنة الأفريقية تحول إلى مادة دسمة للإعلام والجمهور، وكشف عن جروح عميقة في جسد المنظومة الرياضية المصرية حيث لم تكن المشادة الكلامية الحادة بين عمر عصر وزميله محمود أشرف حلمي، نجل رئيس الاتحاد، مجرد “خناقة” عابرة بين لاعبين تحت ضغط المنافسة. بل كانت في جوهرها انفجاراً صريحاً يترجم تراكمات من المشكلات الإدارية، وغياب الدعم الملائم، وربما تضارب المصالح داخل اتحاد اللعبة.
بيانات اللاعب عمر عصر، التي جاءت بعد الواقعة، لم تخف معاناته، مؤكداً على غياب الطاقم الطبي واللياقي المتخصص عن البعثة، بالرغم من حاجته للعلاج إثر إصابة عضلية، هذا النقص في أبسط مقومات الاحترافية يمثل إدانة واضحة للاتحاد، فكيف يغيب طبيب ومدرب أحمال عن منتخب يمثل قارة بأكملها في البطولات الدولية؟ والأدهى أن الأزمة لم تقتصر على غياب الدعم، بل تطورت لتكشف عن شبهات حول التعامل الإداري، خاصةً وأن الطرف الثاني في الخلاف هو نجل رئيس الاتحاد، الأمر الذي يضع القرارات التأديبية المتوقعة في مرمى التشكيك حول مدى النزاهة والحياد، وهو ما دفع اللجنة الأولمبية والجهات المعنية للتحقيق.
لقد وضع عمر عصر، بطل أفريقيا الذي رفع اسم بلاده في المحافل الدولية ووصل إلى ربع نهائي الأولمبياد، نفسه في موقف حرج، فمهما كانت مبرراته، يبقى الخروج عن النص والسلوك غير الرياضي في الملعب أمراً لا يمكن قبوله من رياضي يمثل قدوة، ولكن، في الوقت ذاته، يجب قراءة هذا التصرف في سياقه الأوسع، وهو الشعور بالإحباط وعدم الإنصاف الذي قد يدفع نجماً بحجمه إلى كسر حاجز الصمت والبروتوكول.
لا يمكن النظر إلى “أزمة عصر” بمعزل عن تاريخ أزمات اللاعبين الآخرين مع الاتحادات الرياضية، إنها تكشف عن تحديات مزمنة وهي المحسوبية وتضارب المصالح فوجود نجل رئيس الاتحاد كلاعب في المنتخب، وتورطه في مشادة مع النجم الأول، يطرح تساؤلات حول آليات الاختيار والتقييم، ويؤثر سلباً على الروح الجماعية والعدالة داخل الفريق.
إضافة إلي ذلك غياب الاحترافية في الدعم وإهمال توفير الدعم الطبي والبدني المتخصص لمنتخب يشارك في بطولة مصيرية يعد إخفاقاً إدارياً فادحاً يهدد مسيرة اللاعبين وإنجازاتهم.
يجب أن تكون العقوبة – إن صدرت – هدفها تقويم السلوك وحفظ الانضباط، وليس مجرد تصفية حسابات أو إرضاء طرف على حساب آخر ، يجب أن تمتد المساءلة لتشمل المقصرين إدارياً في الاتحاد.
إن تنس الطاولة المصرية تحتاج إلى لم الشمل وتصحيح المسار الإداري قبل فوات الأوان ، يجب أن يكون التحقيق المرتقب نقطة تحول نحو الشفافية والاحترافية، لا مجرد إجراء روتيني لدفن الأزمة، عمر عصر نجم كبير، ولكن حتى النجوم الساطعة تحتاج إلى منظومة سليمة ترعاها وتحافظ على تألقها
. إن صورة مصر الرياضية التي كادت أن “تلطخها الخلافات الفردية” – كما جاء في بيان اللجنة الأولمبية – تتطلب الآن التزاماً أخلاقياً ليس فقط من اللاعبين، بل وقبلهم من المسؤولين القائمين على إدارة اللعبة، فالروح الرياضية والانضباط ليسا شعارات، بل أساس أي إنجاز يُحقق باسم الوطن.
موضوعات ذات صلة
عادل يوسف يكتب لـ «30 يوم» : عام الإنجازات الرياضية



