سلطنة عمان ارث متجدد وتنوع ثقافى

على امتداد السواحل الجنوبية الشرقية لشبه الجزيرة العربية، تنبض سلطنة عُمان بحضارة عريقة نسجت خيوطها من التاريخ والبحر والصحراء، فبين أمواج المحيط الهندي وسلاسل جبال الحجر والقرى، صاغ العمانيون ملاحم ثقافية وتجارية جعلت بلادهم جسرا بين الشرق والغرب، فهذه الأرض التي عرفت بحضارة «مجان» في الألفية الثالثة قبل الميلاد، كانت شاهدة على إبداع الإنسان في استثمار مواردها الطبيعية مثل: النحاس واللبان، وصناعة تاريخها الغني بالعلاقات التجارية مع حضارات أرض النيل وبلاد ما بين النهرين والهند.
ومع انتشار الإسلام، أصبحت السلطنة مكونا أساسيا من العالم الإسلامي، وأسهمت في تشكيل هويتها الثقافية، وحرص أئمتها في العصور الإسلامية الأولى على تهيئة الظروف لتحقيق الكثير من الإنجازات، لتتوالى العصور الوسطى التي شهدت بروز حكم الدولة النبهانية في عُمان وريادة العمانيين في الملاحة البحرية، مما أتاح لهم التوسع التجاري والاستكشاف، وفي العصور الحديثة بلغت عُمان أوج قوتها البحرية في عصر اليعاربة، وتطورت علاقاتها الدولية في عصر الدولة البوسعيدية بتوسع الإمبراطورية العمانية في شرق إفريقيا، حيث تركت بصمات ثقافية واجتماعية لا تزال حاضرة حتى اليوم، ولعب الشعر الشعبي والفصيح دورا رئيسيا في إثراء الثقافة العمانية، حيث وثّق الأحداث والتقاليد وأصبح جزءا أصيلا من التراث، كما برزت الفنون التقليدية كرموز للهوية الوطنية، إضافة إلى الحرف اليدوية مثل: صناعة الفخار والسعفيات والنسيج وبناء السفن. ويظهر ذلك جليا من خلال القناة الثقافية العمانية وهي إحدى القنوات التلفزيونية التابعة لوزارة الإعلام بسلطنة عُمان،
جاء إطــلاق القناة في عام 2016م ، ومن خلال رؤيتها ورسالتها التي تتمحور في سعيها بطابعها الثقافي الخاص بأن تكون متجددة، رؤية القناة واضحة التعريف بالهوية الثقافية العمانية والمحافظة عليها والأرت الحضاري العماني المعنوي والمادي من خلال منتج تلفزيوني متنوع وهادف يحمل رسائل وطنية من خلال برامجها المباشرة والمسجلة.
أما رسالة أفلامها الوثائقية جاءت بأن تسلط الضوء على تاريخ سلطنة عُمان الأصيل وعراقة الحضارة العمانية قديما وحديثا والمزيج الرائع بين الحياة العصرية وكنز التراث العريق، وإلى طبيعتها الخلابة وما تتمتع به من مقومات بيئية ثرية تجمع ما بين السهل والجبل والبحر والصحاري، وبأن تصور عدستها جمال محمياتها الطبيعية الثرية بالموارد الأحيائية، إضافة إلى عرضها العديد من المواضيع في شتى المجالات الثقافية والتاريخية والأدبية والعلمية والاجتماعية.
وتهتم القناة بالتعريف بالهوية الثقافية العمانية من خلال إبراز التراث العماني المادي وغير المادي، وتسليط الضوء على العادات والتقاليد والفنون العمانية. وتشجيع الإنتاج الثقافي والفني عبر دعم المبدعين العمانيين في مجالات الأدب، والموسيقى، والمسرح، والفن التشكيلي، والسينما.
و تعزيز الحوار الثقافي العالمي من خلال استضافة مفكرين ومبدعين من مختلف أنحاء العالم، وعرض تجارب ثقافية متنوعة. ،و إثراء المحتوى الإعلامي العماني عبر تقديم برامج ثقافية نوعية تتناول قضايا فكرية وأدبية وفنية. بالاضافة الى تغطية الفعاليات والمهرجانات الثقافية المحلية والإقليمية والدولية، مثل برنامج ليالي الخريف، وبرنامج والفهرس(برنامج مصاحب لمعرض مسقط الدولي للكتاب)، والأسابيع الثقافية العمانية والمعارض الدولية للكتاب.
وتحرص القناة الثقافية العمانية على بناء شراكات إعلامية مع مؤسسات إعلامية وثقافية دولية لتعزيز التبادل الثقافي وإيصال صوت الثقافة العمانية إلى العالم. ويمكن للمؤسسات الإعلامية الدولية الاستفادة من المحتوى الثقافي العماني من خلال التعاون في إنتاج البرامج، وتبادل المواد الإعلامية، وتغطية الفعاليات الثقافية المشتركة.
تمثل القناة الثقافية العمانية منصة إعلامية متخصصة تساهم في تعزيز الهوية الثقافية العمانية على المستويين المحلي والدولي. ومن خلال محتواها المتنوع، تفتح القناة نافذة على الثقافة العمانية والعربية والعالمية، وتسهم في بناء جسور التواصل بين الثقافات المختلفة.