داليا البيلي تكتب لـ «30 يوم» : المسيرة العالمية إلى غزة .. حملة مُريبة تُهدد أمن مصر القومي

في وقت تحتاج فيه القضية الفلسطينية إلى مواقف مسؤولة، وقرارات سيادية مبنية على الحكمة والمصلحة القومية، تظهر على السطح حملة تُدعى “المسيرة العالمية إلى غزة”، والتي تزعم عزمها على الانطلاق من الأراضي المصرية، وتحديداً عبر معبر رفح، باتجاه القطاع المحاصر. وبين الشعارات البراقة التي تتبناها الحملة مثل “كسر الحصار” و”المشاركة الإنسانية”، تطرح هذه المبادرة تساؤلات جوهرية لا يمكن تجاهلها:
هل حصل منظمو هذه الحملة على موافقات أمنية مصرية؟
من غير الواضح حتى اللحظة ما إذا كانت الجهات المنظمة لهذه المسيرة قد حصلت على تصاريح رسمية أو تنسيقات أمنية مع الجهات السيادية في مصر. فمثل هذا التحرك، بما يحمله من أبعاد أمنية وسياسية معقدة، لا يمكن التعامل معه بتساهل.
إذ من غير المقبول أن يُستخدم اسم مصر كـ”منصة عبور” دون علم الدولة، أو بطريقة قد تضعها في موقع حساس إقليمياً ودولياً، خاصة في ظل التصعيد الأمني المستمر في محيط قطاع غزة.
لماذا الآن؟ وما الهدف الحقيقي من هذه الحملة؟
في ظل ظروف إقليمية شديدة التعقيد، يحق لنا التساؤل:
• هل هذه الحملة مجرد وسيلة لركوب موجة التعاطف الشعبي؟
• هل هناك أجندات خفية تحاول توظيف المشهد الفلسطيني لأغراض سياسية أو إعلامية؟
• من يموّل هذه الحملة؟ ومن يقف خلف تنسيقها الدولي؟
إن العمل الإنساني الحقيقي لا يُفرض على الدول فرضاً، ولا يُدار من خارج أطر السيادة، بل يتم عبر التنسيق الكامل مع الجهات الرسمية والمنظمات المعتمدة. أما هذا النوع من الحملات العابرة للحدود، التي تحاول فرض أمر واقع إعلامي أو شعبي، فإنه يتعارض مع مبادئ الأمن القومي المصري ويشكّل تجاوزاً لا يمكن القبول به.
مصر لن تكون ممرًّا لمن لا يحترم سيادتها
لقد قدمت مصر، وما زالت، تضحيات جساماً من أجل القضية الفلسطينية، وقادت مبادرات حقيقية للتهدئة وإغاثة سكان القطاع، بل وأبقت معبر رفح مفتوحًا في أقسى الظروف.
لكن هذا لا يمنح أي جهة الحق في استغلال الموقف المصري لأجندات خارجية أو استعراضية.
نرفض رفضاً قاطعاً أي تحرك غير منسق على الأراضي المصرية، ونؤكد أن السيادة الوطنية فوق أي شعارات عاطفية، وأن الأمن القومي المصري ليس مجالًا للتفاوض أو المجاملة.
الخاتمة
إننا نُحذر من الانخداع بمسميات تبدو إنسانية في ظاهرها، بينما تخفي خلفها غايات قد تضر أكثر مما تنفع. مصر تدعم غزة بشرف، وتحمي أمنها القومي بيقظة، ولن تسمح بأن تكون مسرحًا مفتوحًا لمن لا يعرف قدرها.