
يفضل الكثير من الناس منذ قديم الزمان الاعتماد على النباتات الطبيعية في العلاج والوقاية من الأمراض، وإلى هذا الوقت يرجح معظم الأطباء الاعتماد على الأعشاب الطبيعية لأنها قليلة الأضرار مقارنة بالأدوية الكيميائية، ومن بين هذه النباتات نبتة “الداتورا”.
ويؤكد الأطباء أنه إن تم استخدامها بشكل صحيح فإنها تعالج أخطر الأمراض.
تعتبر الداتورا (ستاتونيوم داتورا) نبتة عشبية تنتمي إلى عائلة الباذِنْجانِيَّات ولها العديد من الأسماء العامية مثل التفاح الشوكي، وأعشاب الخلد، وفخ الخروف، وعشبة الشيطان والمنومة، ونبتة جيمسون السامة، والتفاح السام، وبوق الملائكة أو بوق الموت.
موطنها أمريكا الشمالية، وشائعة بشكل خاص في أوروبا لكن منشأها مثير للجدل.
فبعض المؤلفين يرجعون أصلها إلى آسيا (الهند)، والبعض الآخر إلى (المكسيك). وربما كان وجودها في أوروبا (سواء في اليونان أو في غرب المحيط الأطلسي) قديماً بشكل خاص ويبدو أنه يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
تنمو الداتورا خلال فترة الصيف في الأراضي غير المزروعة مثل الحقول، الأراضي البور، الركام، الرمال، وتحب الأرض المروية حديثاً حيث يتم التعرف إليها كأعشاب ضارة بشكل خاص وثمرتها التي تشبه الجوزة، تنضج من يوليو إلى أكتوبر.
ويمكن التعرف إليها من خلال أزهارها الطويلة ذات اللون الأرجواني والأصفر والأبيض والتي يصل ارتفاعها إلى عدة أمتار وتتخذ شكل البوق ولذا تسمى أحيانًا «بوق الملائكة».
وتتخذ ثمارها شكل كبسولة يبلغ قطرها من 5 إلى 10 سم وطولها ما بين 30 سم و مترين ومغطاة بأشواك تحتوي على حوالي 500 بذرة بنية.
وتضم الداتورا ثلاثة عشر نوعاً معروفاً لدى العامة ولها استخدامات طبية.
وعشبة داتورا قليلة الذكر في بلادنا العربية ومن المفروض استغلال فوائدها العلاجية الكثيرة رغم سُميتها.
النوع المسمى بالداتورا الصفراوية (داتورا سترامونيوم)، نبات طبي مسجل في دستور العقاقير لاحتوائه على نسبة عالية من القلويدات (سكوبولامين، هيوسايامين وأتروبين)، أي أشباه القلويات وهي مركبات عضوية نيتروجينية، توجد بشكل كبير كمنتجات طبيعية في النباتات ذات الاستعمال الطبي، وتمتلك تأثيراً فيزيولوجياً ودوائياً كبيراً على الإنسان والحيوان.
وتحتوي كذلك على المضادات والمعادن والمركبات العضوية المختلفة. وكل هذه المواد جعل لنبتة الداتورا تأثيراً جيداً.
واستطاع العالم ستويرك عام 1762 أن يدخل هذه النبتة الشهيرة بسميتها في تركيب بعض المواد الطبية لمعالجة بعض الأمراض كداء النقطة والتشنجات والاختلاجات والاضطرابات العقلية.
الاستخدامات العلاجية
تستخدم الداتورا الصفراوية في طب الأعشاب القائم على أساس المستخلصات النباتية والمكونات النشطة الطبيعية. ورائحتها كريهة، وطعمها مر ومالح، وهي قابضة، يابسة القوام ولها تأثير مهدئ على الجهاز العصبي المركزي ومضادة للتشنج (تمنع التقلص اللاإرادي للعضلات).
من أهم فوائد الداتورا أنها تحتوي على مواد مهدئة تساعد على النوم لأنها تعمل على تهدئة الأعصاب والحد من الالتهابات والآلام، فهي تساعد على نوم مريح والتخلص من الأرق واضطرابات النوم. وتوصف أيضاً لنوبات الربو، وحمى القش، والألم العصبي، وعلاج القلق والتعرق الزائد والقرحة المعدية، والمعوية، والتهابات القولون وفي الاستخدام الخارجي، تخفف من آلام البطن والكبد.
إنماء الشعر
أثبتت الكثير من الدراسات أن الداتورا مفيدة لكل من يعاني حالات الصلع، ومن الممكن صنع مرهم للشعر من خلاصة النبتة ليساعد على تعزيز إنبات الشعر، حيث إنها تحفز نمو الشعر الجديد والحفاظ على المسام لكي لا تتوقف عن إنتاج الشعر. ولا ينصح باستخدام عصير هذه النبتة لأنه قوي على فروة الشعر.
وتحتوي نبتة الداتورا أيضاً على حمض الاسكوربيك بالإضافة إلى نسب عالية من المواد المضادة للأكسدة، وهذه المواد تسهم في تقوية الجهاز المناعي كما أنها تحفز إنتاج خلايا الدم البيضاء، وخفض الراديكالات الحرة في كافة نواحي الجسم. ومن أهم فوائدها أيضاً أنها تستخدم لعلاج الملاريا خاصة أنه مرض ما زال ينتشر في الكثير من الأماكن في العالم.
تحذيرات مهمة
تعتبر الداتورا سامة حتى عند تناول جرعات منخفضة منها وهي النبتة الأكثر سمية في رتبة الباذنجانيات وتسبب متلازمة مضادات الكولين (إحدى مجموعات الأدوية العلاجية التي تفيد في خفض تأثيرات الأستيل كولين في الجهاز العصبي المركزي والجهاز العصبي المحيطي) أو الأتروبينية التي تتجلى في توسع الحدقة والتعرض لاضطرابات في الرؤية، وعدم انتظام دقات القلب، وتوسع الأوعية الدموية، والإثارة، والارتباك والهلوسة. والجرعات الكبيرة تؤدي إلى الوفاة بسبب اضطرابات ضربات القلب. وتكفي كمية قدرها جرام واحد من مادة السكوبولامين (تعادل حوالي 125 بذرة) الموجودة في (الداتورا ستراموين) والتي استطاع الكيميائي الألماني ألبرت لادنبرج استخلاصها في عام 1881 لإحداث آثار الهلوسة أو تسمم خطر كما أن ابتلاع من 4 إلى 5 جم من الأوراق يكفي لقتل طفل.
تم الإبلاغ عن حالة تسمم جماعي في جيمستاون (الولايات المتحدة) أثناء التمرد في عام 1676، حين أعطى الكابتن جون سميث لجنوده سلطة تحتوي على أوراق الداتورا. لكنها تستعمل أيضا للتخدير الجزئي عند الولادة، ولمعالجة دوار البحر والطيران.
ونتيجة لذلك، تم تحويل نبتة الداتورا منذ عدة قرون لتستخدم في أغراض مختلفة (كالطقوس الدينية، الشامانية أو الاستخدامات الترفيهية).
وفي حالة التسمم بالداتورا، يلزم دخول المستشفى بسرعة ليتم إجراء العلاج الذي يتمثل في المقام الأول بعمل غسل للمعدة، والتخدير عن طريق حقن البنزوديازيبين. وأشار مؤلفان من القرن الأول قبل الميلاد هما ديودوروس سيكولوس وسترابو، إلى أن بعض المحاربين سمموا رؤوس رماحهم بعصير الداتورا، ووصفا الثمرة بطريقة لا تترك أي شك فيما يتعلق بهوية هذا النبات الخطير.
خطر على المزروعات
تم تحديد العديد من حالات التلوث العرضي في السلسلة الغذائية، حيث تنمو الداتورا في بعض الأحيان وسط الحقول المزروعة وتختلط بذورها مع النباتات الأخرى.
