صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : النكسة والتدنيس!

لم يكتفِ آلاف المستوطنين اليهود وأعضاء الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بقيادة المتطرف المهووس ايتمار بن غفير ووزير النقب والجليل إسحاق فاسرلاوف، وأعضاء بالكنيست من أحزاب الليكود، والقوة اليهودية والصهيونية الدينية، باستباحة ساحات المسجد الأقصى المبارك الاثنين الماضي وتدنيسه،وإنما اقتحموا البلدة القديمة لأداء مايسمى بـ “مسيرة الأعلام” واعتدوا على فلسطينيين وممتلكاتهم ورددوا هتافات استفزازية والموت لـ المسلمين والعرب.
تجمع آلاف المستوطنين في ساحة باب العامود بالقدس بعد يوم طويل وعريض من التدنيس والاعتداء والهتافات المقززة ورقصوا رقصات استفزازية ولوّحوا بالعلم الإسرائيلي تحت حماية قوات الاحتلال وبتعليمات من وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير إذ فرضت طوقا أمنيا حول البلدة القديمة، ونشرت حواجز حديدية وتحولت القدس كلها والمسجد الأقصى لثكنة عسكرية
لم يكتف المستوطنون بالهتافات والاستفزازات واعتدوا على فلسطينيين وأطلقوا عليهم الغاز المؤذي للعينين والجهاز التنفسي، ولم يفلت من عدوانهم المشايخ وكبار السن من ضرب وركل وتوبيخ على مرأى ومسمع من الشرطة الإسرئيلية التي استمتعت بما تراه وتسمعه .!
وبينما كان بن غفير وفرقته يصولون ويجولون بالأقصى كان نتنياهو، يعقد اجتماعا استثنائيا لحكومته ببلدة سلوان بالقدس المحتلة، بمناسبة ذكرى احتلال الشطر الشرقي عام 1967 ولم ينس أن يعكنن على العرب مستعيدًا ذكرى نكسة العرب ومؤكدا أن حكومته ستحافظ على القدس “موحدة تحت سيادة إسرائيل”.! في ربط قوي بين النكسة والتدنيس!!
في وقت كان الشيخ عكرمة صبري ،خطيب المسجد الأقصى يصرخ في المسلمين كاشفا وفاضحا الوضع المزري و اللامبالاة التي سيطرت على الجميع ،حتى الإدانات باتت ضعيفة ومن كثرتها وتدنيها وضعف مفرادتها فقدت المعنى والمغزى.!
جاءت كلمات خطيب الأقصى -الذي لم يفقد الأمل – مانحا الأمة بحكم موقعه جرعة من الثقة والصبر والثبات رغم خروج كلماته ملطخة بالألم والجرح الغائر لكنه كشف عن غموض المستقبل القريب والبعيد بعد أن زاد عدد المهاجمين من المستوطنين يوما بعد يوم، وعاما بعد عام لتدنيس الأقصى واستباحته.
الأمور تزداد تعقيدا بعد أن تحول الشارع الإسرائيلي إلى أغلبية بين منتمين للتطرف أو مؤيدين له لنجاحه في ترسيخ الاستيطان واتساع رقعته في القدس والضفة الغربية وحول غزة وقريبا قد تتحول غزة لبؤرة استيطانية كغلاف غزة ومحيطها.
غالبية الشباب الإسرائيلي يؤمن بفكر المتطرفين ورؤيتهم مقتبسا آراء سموتريتش وزير المالية وبن غفير الذي مازال واضعا صورة باروخ جولدشتاين، منفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي التي راح ضحيتها 29 مصليًا عام 1994، على جدار منزله، واصفًا إياه بالبطل.. هؤلاء يعتبرون بن غفير الحامي للدولة الصهيونية مثلما يعتبر بن غفير باروخ القدوة والمثل!
وغزّا هذا الفكر أنّ سطوة إسرائيل تزداد دون قوة رادعة في محيطها خاصة بعد انكسار حزب الله وضعف حماس ،قوة غاشمة جعلت لإسرائيل النفوذ ولم يعد العالم قادرا على إلجامها.
هذه المستجدات تجعل فكرة قيام الدولة الفلسطينية ضربا من الخيال رغم مساندة الدول الأوروبية حاليا لهذه الفكرة مع وجود 147 دولة من بين 193 على كوكب الأرض يؤيدون الدولة الفلسطينية ،يبقى التحدي في إبعاد المتطرفين عن الدائرة السياسية والبحث عن قوة ضاغطة تُخضع إسرائيل لما تراه مستحيلا!
اقرأ أيضا
صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : بلينل .. والصرخة الأوروبية