كُتّاب وآراء

خالد إدريس يكتب لـ «30 يوم» : موقف مصر الثابت يحرك العالم

في ظل التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة العربية، وفي ظل مواقف ورؤى عربية باهتة ومتغيرة ،يبرز الموقف المصري من القضية الفلسطينية كركيزة أساسية في السياسة الخارجية، التي تؤكد على التزام مصر الثابت بدعم حقوق الشعب الفلسطيني.

ورغم إحجام عدد من الرؤساء والملوك عن حضور القمة العربية بالعراق والذي يكاد يعصف بفكرة الجامعة العربية ،إلا أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي يظل هو الحدث المؤثر ، والنقطة الوحيدة المضيئة التي تجسد الرؤية الواقعية للوضع في الشرق الأوسط ، وتعكس سياسة مصر الداعمة للقضية الفلسطينية وللقومية العربية ، حيث أكد مشددًا على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وأشار إلى أن “السلام لن يتأتى بالقوة ولا يمكن فرضه عنوة”حتى لو تم التطبيع بين الكيان الصهيونى وكل الدول العربية ، داعيًا إلى إطلاق مسار سياسي جاد وفعال يفضي إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية .

هذا هو موقف مصر ، في الوقت الذي تشهد فيه الساحة العربية تحولات في مواقف بعض الدول تجاه القضية الفلسطينية بل وتجاه القومية العربية، حيث أقدمت بعض الحكومات على خطوات أثارت جدلاً واسعًا، مثل إقامة قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها أو تقديم تنازلات استراتيجية، مما يُنظر إليه على أنه تراجع عن الثوابت القومية.

الأحداث الأخيرة في المنطقة العربية كشفت حقيقة مخططات التقسيم ، وكشفت الوجه القبيح للنظام الدولي ، وباتت الرؤية واضحة لا تقبل الشك والفضل يعود للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تعامل بوجه مكشوف مع قادة دول الخليج وطلب منهم دفع مقابل الحماية الأمريكية وتثبيت أركان عروشهم ، كما كشفت التطورات الأخيرة زيف جماعات الإسلام السياسي التي ظلت سنوات طويلة تبيع الوهم للجميع ، على اعتبار أنها تناضل من أجل الوصول للسلطة لإعادة أمجاد الخلافة الإسلامية، وتحرير القدس الشريف ، وهي في الحقيقة جماعات خاضعة خانعة لا تعترف بالوطن وترابه وحدوده ، ولنا في الوضع السوري خير دليل ، إذ برطعت إسرائيل في الأراضي السورية عقب وصول المناضلين الإسلاميين إلى سدة الحكم ، واستولت على أجزاء جديدة من أراضي سوريا ضمتها للجولان المحتلة ، بل وتسلمت وثائق الجاسوس إيلي كوهين الذي أُعدم في سوريا عام ١٩٦٥ والتي تعد من الوثائق الهامة المحفوظة بخزائن المخابرات السورية، وزعمت أنها حصلت عليها بعملية مخابراتية معقدة بالتعاون مع مخابرات إحدى الدول ، ولكن الأمور واضحة وليست معقدة ، وما هي إلا تنازلات لرفع العقوبات وتعديل قوائم التنظيمات الإرهابية .

في ظل هذه الأحداث والتحديات، يُبرز الموقف المصري أهمية التمسك بالثوابت القومية ودعم القضية الفلسطينية كجزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي. وهو الموقف الذي أثنت عليه كل الشعوب العربية لأنه حرك المياه الراكدة ، ودفع دولاً مثل فرنسا وبريطانيا وكندا لإصدار بيان تحذيري ضد إسرائيل إذا استمرّت في اعتداءها على غزة وأعلنت اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين ، ودفع البرلمان الأسباني للتصديق على حظر التجارة مع إسرائيل خاصةً السلاح لأنها دولة إبادة جماعية ،ويكفي أن تعترف الصحافة الأمريكية أن مصر بها زعيم لا يقبل التهديدات ولا يقبل الإغراءات المالية

الموقف المصري بمثابة دعوة للدول العربية لإعادة تقييم سياساتها الخارجية بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز من وحدة الصف العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
إن التزام مصر بدعم القضية الفلسطينية يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، ويُعد نموذجًا يُحتذى به في تعزيز التضامن العربي والعمل المشترك من أجل مستقبل أفضل للشعوب العربية.
تحيا مصر .. تحيا مصر.. تحيا مصر.
Khalededrees2020@gmail.com

اقرأ أيضا

خالد إدريس يكتب لـ «30 يوم» :إحياء قصور الثقافة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى