توبكُتّاب وآراء

عبد العزيز النحاس يكتب لـ «30 يوم» : قانون الإيجار .. حقائق غائبة

النقاش حول قانون الايجار القديم لا ينقطع بين شتى طبقات المجتمع، وإن ظلت الشرائح المتوسطة والبسيطة هى الأكثر اهتمامًا وهمومًا وترقبًا للقانون الجديد فى ظل المعاناة والضغوط الاقتصادية التى تواجه هذه الشرائح بسبب التفاوت الكبير بين الدخل وزيادة الأسعار بشكل مطرد، وكلنا يعلم أن غالبية شريحة المستأجرين من الطبقة المتوسطة والفقيرة التى باتت الآن تضرب أخماسًا فى أسداس حول مستقبلها المعيشى وتترقب وتتابع النقاش حول مشروع القانون فى مجلس النواب، ولأن مجلس النواب يدرك حساسية هذا الموضوع وتخوف ملايين المواطنين، فقد أصدر المستشار حنفى الجبالى رئيس المجلس بيانًا أكد فيه أن النقاش حول قانون الايجار القديم لا يزال مفتوحًا، وجلسات الحوار المجتمعى مستمرة لبلورة رؤية تشريعية متكاملة تضمن السلم الاجتماعى وتحقيق العدالة بين الطرفين، مؤكدا أن هذا الملف له خصوصية شديدة وتشابكات اجتماعية واقتصادية متراكمة عبر عقود طويلة وهى رسالة هدأت من روع ملايين المواطنين الذين يترقبون الموقف.

للأسف الشديد بعض الملاك استغلوا حكم المحكمة الدستورية العليا، وبدأوا فى المغالاة فى طلباتهم ومنها فسخ التعاقدات وتحرير العلاقة الإيجارية، ورفع القيمة الإيجارية بصورة مبالغ فيها، فى تجاهل للحقيقة والواقع الذى قامت عليه العلاقة أساسًا بين المالك والمستأجر، والتى تمت على أسس العدالة والتراضى بين الطرفين وقت تحرير العقود وتحقيق المالك المكاسب المناسبة فى هذا الوقت سواء بتحصيل مقدم للإيجار طبقًا للعرف السائد فى المجتمع، وكان يوازى ما يقارب من نصف ثمن الشقة فى حالة التملك، إضافة إلى تحديد قيمة إيجارية شهرية، وكان المالك يسترد قيمة المبنى من المقدمات التى يحصل عليها، بينما تشكل الإيرادات الشهرية نسبة الأرباح للمالك.. هذه الحقائق لا تجعلنا نغفل عن بعض الحالات الصارخة والتى باتت غير مقبولة فى مناطق مثل الزمالك وجاردن سيتى وغيرهما من الحالات الفردية التى لا تشكل فى النهاية نسبة واحد فى المائة من أكثر من ثلاثة ملايين شقة مؤجرة، وللأسف كثر الحديث عن هذه الحالات الفردية بصورة مبالغ فيها بهدف لَىِ الحقيقة وطمسها من خلال المقارنة بين قيمة العقار الآن وعوائد الإيجار، وهى حالات تحتاج إلى معالجات فردية وابتكار حلول جديدة وليس تشريعاً يهدد ويشرد ملايين السكان.

الحقيقة أن حكومات كثيرة متعاقبة، كانت سببًا فى استفحال هذه الأزمة عندما استمرت فى تحميل العوائد والمخالفات والضرائب والصيانة وغيرها من الإجراءات على الملاك، وفى ظل تغير الظروف الاجتماعية وتدهور قيمة العملة المحلية كان يجب إحداث نوع من العدالة فى العلاقة بين المالك والمستأجر سواء بتحميل جميع تكاليف المبنى على المنتفعين أى المستأجرين أو بتحريك القيمة الإيجارية بصورة تتماشى وظروف المجتمع حتى لا يطغى طرف على الآخر كما يحدث الآن من سعى البعض لسلق قانون لحساب الملاك الذين يتشددون الآن فى طلباتهم بصورة مغالى فيها وصلت إلى حد مطالباتهم بفسخ التعاقدات، وذهب بعضهم إلى طلب حظر النشر فى مناقشة القانون لحين إقراره بشكل رسمى ونشره فى الجريدة الرسمية، ولم يدر هذا النفر أن هذه دعوة صريحة لتفجير المجتمع المصرى من خلال تشريد ملايين الأسر المصرية التى لن ترضى بترك مساكنهم وافتراش الشوارع كمأوى لهم، ولن تستطيع أى حكومة مهما بلغت من قدرات توفير البديل المناسب أو احتواء هذا الكم من ملايين الأسر، وهو الأمر الذى يدعو مجلس النواب والحكومة للعمل بأقصى معايير الحكمة لإصدار تشريع متوازن يراعى السلم المجتمعى فى هذه الظروف الدقيقة.

 كاتب المقال: النائب عبد العزيز النحاس عضو الهيئة العليا لحزب الوفد .. وعضو مجلس الشيوخ المصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى