توبكُتّاب وآراء

د.داليا البيلي تكتب لـ «30 يوم» : الجيش المصري خط أحمر… والتشكيك مرفوض شكلاً ومضمونًا

في وقت تواجه فيه الدولة المصرية تحديات أمنية واقتصادية دقيقة، تخرج علينا تصريحات من أحد رجال الأعمال بشأن مشاركة القوات المسلحة في الاقتصاد المصري، لتُثير ردود فعل واسعة، ورفضًا وطنيًا لما اعتُبر إساءة غير مقبولة لمؤسسة وطنية تُعد ركيزة أساسية في الحفاظ على أمن واستقرار البلاد.

وقد اعتبر مراقبون أن هذه التصريحات، التي وصف فيها دور الجيش في الاقتصاد بـ“الخطأ الاستراتيجي”، تعكس رؤية ضيقة تفتقر إلى فهم السياقين الوطني والدولي، كما تمثل تجاوزًا غير مبرر في حق مؤسسة تحظى بثقة الشعب المصري وتقديره لدورها المحوري في حماية الوطن، لا سيما خلال فترات الأزمات والاضطرابات التي مرت بها البلاد.

فمنذ عقود، لم يقتصر دور القوات المسلحة على حماية الحدود والتصدي للتهديدات، بل كانت شريكًا رئيسيًا في جهود التنمية والبناء، لا سيما في الأوقات التي شهدت فيها بعض مؤسسات الدولة تراجعًا في الأداء. وقد كان تدخل الجيش في المشروعات القومية عقب ثورة 30 يونيو عاملًا حاسمًا في حماية مقدرات الدولة وضمان استمرارية الخدمات الأساسية للمواطنين.

إن مشاركة الجيش في الاقتصاد الوطني لم تكن يومًا خروجًا عن دوره، بل ضرورة وطنية اقتضتها الاعتبارات الأمنية والتنموية، وقد أثبتت التجربة أن دخول المؤسسة العسكرية في المشروعات الكبرى ساهم في تسريع تنفيذها، ومحاربة الفساد، وضمان تحقيق الجودة في الأداء وفقًا لأعلى المعايير.

كما أن هذه التصريحات تكشف عن تناقض واضح؛ إذ لم يتردد صاحبها يومًا في الاستفادة من بيئة الاستقرار التي وفرتها القوات المسلحة، والتي هيأت مناخًا آمنًا للاستثمار ونجاح القطاع الخاص، ثم عاد اليوم لينتقد المؤسسة ذاتها، متجاهلًا أن هذا الاستقرار لم يكن ليتحقق لولا وجود جيش قوي ومتماسك.

وما يؤكد خطأ هذه التصريحات أن الجيش المصري لا يمثل فقط دعامة داخلية للاستقرار، بل يُعد واحدًا من أقوى الجيوش على المستويين العربي والدولي. ووفقًا لتقرير Global Firepower لعام 2024، يحتل الجيش المصري المرتبة 14 عالميًا من بين أكثر من 140 دولة تم تصنيفها، والمرتبة الأولى عربيًا وإفريقيًا من حيث القوة العسكرية الشاملة.
ويستند هذا التصنيف إلى مؤشرات عدة، منها حجم القوات، والجاهزية القتالية، وتنوع التسليح، والقدرات اللوجستية، وسرعة التعبئة، وهو ما يعكس مدى الاحترافية والتطور الكبير الذي حققته القوات المسلحة المصرية خلال السنوات الأخيرة.
كما ان مقارنة هذا الشخص بين الجيش المصري ونظيره لإحدى الدول تُعد قياسًا معيبًا وسقطة فكرية، إذ تُغفل الفروقات الجوهرية في السياقات الوطنية والعقائدية لكل من المؤسستين؛ فالجيش المصري لم يكن يومًا طرفًا في صراع سياسي داخلي أو أداة لحزب أو جماعة، بل ظل على الدوام درعًا للوطن، يحمي الدولة لا السلطة، ويحفظ إرادة الشعب لا يناور بها

وتجاهل ايضا في مقارنته ابعاد اخرى فمن حيث العدد، التأثير الإقليمي، البنية الدفاعية والاستقرار: الجيش المصري أكثر رسوخًا وتنظيمًا، ويمثل قوة ردع إقليمية يحسب لها الحساب
بالإضافة إلى أن الجيش المصري يتبع عقيدة دفاعية رادعة ترتكز على حماية الأمن القومي العربي، بينما نظيره لإحدى الدول والتي ذكرت في هذه التصريحات يعتمد على عقيدة هجومية قائمة على التدخل الخارجي لتحقيق النفوذ الإقليمي.

إن القوات المسلحة المصرية ليست موضوعًا للمهاترات السياسية أو التقييمات التجارية بغرض المنافع المصالح الشخصية بل هي رمز وطني مقدس وخط أحمر لا يُسمح بتجاوزه.
والشعب المصري الوطني يقف بكامل وعيه خلف جيشه ولا يقبل مثل هذه التصريحات ويدرك أن المساس به يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن واستقرار الدولة المصرية .

وتحيا مصر بقيادتها وشعبها الحر الأبي، وجيشها الباسل، درع الوطن وسنده.

اقرأ أيضا

داليا البيلي تكتب لـ «30 يوم» : عيد القيامة المجيد في الكويت .. لقاء المحبة والسلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى