خالد إدريس يكتب لـ «30 يوم» : الإعلام بين المهنية والانفلات

شهدت الساحة الإعلامية في مصر خلال السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا، حيث أصبحت مهنة الإعلام مفتوحة أمام العديد من الأفراد غير المؤهلين، مما أدى إلى تراجع جودة المحتوى وتزايد الانتقادات حول أداء بعض البرامج والمذيعين ، وفقدان ثقة المشاهدين فيما يُقدم وعزوفهم عن متابعة بعض القنوات الفضائية المصرية .
الإعلام هو مرآة المجتمع وصوت المواطن، ويتطلب من العاملين فيه التمتع بقدر عالٍ من المهنية والثقافة والالتزام بأخلاقيات المهنة. إلا أن الواقع الحالي يشير إلى تسلل بعض الأفراد إلى هذا المجال دون امتلاك المؤهلات اللازمة، مما أدى إلى تقديم محتوى يفتقر إلى الجودة والمصداقية.
ومن أخطر الظواهر السلبية التي أدت إلى تفاقم أزمة الإعلام هي برامج “شراء الهواء”، حيث يقوم بعض الأفراد بشراء وقت من القنوات الفضائية لتقديم برامجهم الخاصة دون رقابة كافية. هذا النموذج قد يُستغل لنشر محتوى غير مهني أو مضلل، مما يستدعي تدخل الجهات المعنية لتنظيم هذه الظاهرة.
المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هو الجهة المسؤولة عن تنظيم ومراقبة المحتوى الإعلامي في مصر. وفقًا للقانون رقم 180 لسنة 2018، ويختص المجلس بمنح تراخيص مزاولة النشاط الإعلامي ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الوسائل الإعلامية بأصول المهنة وأخلاقياتها.
المجلس الأعلى للإعلام يعرف جيداً المرض وربما يملك العلاج ، ففي تصريحات لرئيس المجلس السابق أكد على ضرورة إصدار “كود” لضبط ظهور غير المتخصصين في البرامج الإعلامية، خاصة في المجالات الطبية والدينية والقانونية، وذلك لضمان تقديم محتوى موثوق ومهني.
كما أشار إلى ضرورة وضع معايير واضحة للمحتوى المقدم ومراجعة خلفيات مقدمي البرامج ،وإلزام المذيعين بالحصول على تراخيص تُمنح بعد اجتياز اختبارات تأهيلية تثبت كفاءتهم ومهنيتهم.
وأضاف أنه يجب فرض عقوبات على المخالفين بما في ذلك سحب التراخيص أو فرض غرامات مالية على القنوات التي تسمح بظهور أفراد غير مؤهلين ، ولكن لم يتحقق أي شئ على أرض الواقع ، وما زالت بعض القنوات تسمح لغير المؤهلين بالعمل مذيعين لمجرد وجود راعي يدفع ثمن الوقت المحدد لهؤلاء .
إن الحفاظ على جودة ومصداقية الإعلام المصري يتطلب وضع ضوابط صارمة وتفعيل الرقابة، يمكن إعادة الثقة في الإعلام كمصدر موثوق للمعلومة ومساهم فاعل في بناء المجتمع ، فالإعلام ليس تجارة هدفها الربح فقط بل هي رسالة تساهم في تشكيل وعي أجيال عديدة .
Khalededrees2020@gmail.com