توبكُتّاب وآراء

صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : التضخم .. والمواطن الغلبان

رغم التراجعِ الشكليّ لمعدلات التضخم في مصر خلال فبراير الماضي ليسجل أدنى معدل له منذ ثلاثة أعوام، إلا أنّ توقعات المحللين وخبراء الاقتصاد تؤكد تباطؤَ وتيرة التراجع بداية من الربع الثاني من العام الحالي 2025، مع ارتداد معدلاته للارتفاع مرةً أخرى لمستوياتٍ تتراوح بينَ خمسة عشر وستة عشر بالمئة الأشهر المقبلة.

أحد أسباب ارتداد التضخم نحو الارتفاع التحريك الأخير في أسعار المحروقات الذي يزيد أكثر من مرة في العامِ الواحد، لرفع الدعم بشكل كامل على المحروقات بنهاية عام 2025، ومع تحريك أسعارِه لا تتوقف الزيادة على النقل فقط بلْ من الكهرباء والنت والغاز إلى كلّ شيءٍ .. كلُّ شيء حتى “رابطة الفجل والجرجير”!! وكأنّ التجار والموزعين للمواد المنتجة للمستهلك ينتظرون بلهفة قرار الحكومة ليعلنوا عن الزيادة التي يقررها “هو”، وليست الحكومة!

وحسب بيانات البنك المركزي المصري، ظهرت نتائج هذه الموجات التضخمية بشكل كبير على مظاهر حياة الأسرة المصرية، فيما يتعلق باستهلاكِها منَ الغذاءِ وباقي احتياجاتِها الضروريةِ، وباتت الدخولُ والمرتبات مع كل زيادة تقررها الحكومة للعاملين وأصحاب المعاشات والأرامل والثكالى يلتهمها لهيب الأسعار ومهما كانت نسبتها ولو وصلت أربعين بالمئة تضيع هذه الزيادة خلال ثلاثة أيام فقط، مع “غول الأسعار”، لدرجة المطالبة بعدم الزيادةِ شريطة قطع الطريق على الاحتكار والجشع وظلم العباد لمواجهة الزيادات المهولة في الأسعار من خلال زيادة الإنتاجية ورقابة الأسواق حيث تعم الفوضى دون رقيب أو خطة ناجزة تكشف قوة يدِ الحكومة على التجار والوسطاء منَ المنتجِ حتى وصوله إلى المستهلك، رغم أنّ استيراد ما نستهلكه هي أم المشاكل للارتفاع المهول في نسبة الاستيراد التي وصلتْ لثمانين مليار دولار بزيادة قدرها أحد عشر بالمئة خلال عشرة أشهر فقط!.

وما زالَ معدل الفقر في مصر يتزايد بين ثلاثين وخمسة وثلاثين بالمئة منَ السكان، مع زيادة الأسعار بشكل كبير طوال السنوات الأخيرة، ورغم محاولات البنك المركزي لمكافحة التضخم، إلا أنه لن يتراجع في مصر بشكل مستقر.

وإذا كان التضخم أساس الأزمة الاقتصادية فلا نجاة منه دون القضاء على أسبابه، من خلال زيادة الاستثمارات الأجنبية، وخلق البيئة المناسبة لجذبه، وإنتاج السلع والخدمات بدلاً من استيرادها، والاعتماد على مواد خام زراعية وصناعية في الإنتاج المحليّ، وإعادة النظر في المشروعات ذات المكون الخارجيّ الذي يتطلب موارد منَ النقد الأجنبي، والقضاء على الفساد والمحسوبيات، فما زالت الفجوة ببعض الهيئات والمؤسسات في اختيارِ القيادات، وانتقاء أهل الثقة دونَ الكفاءة وأصحاب المصالح والمقربين المحظوظينَ، وسوء الصرف والترشيد، وكأننا في دولة غيرِ مصرَ التي تعاني الأمرين في الحصول على عملة أجنبية!

سياسات تعلمها الحكومة عينَ اليقين، ويبقى الإنقاذ في الحلولِ الجادة، ومواجهة المشاكل دونَ مسكنات، والاستعانةِ بأصحاب الخبرة والفكر طالما أنّ الوجوه لن تتغير بعد أن أثبتت السنوات أنه لا تغيير جوهريّ طالما السياسات هيَ نفسها!! فلا جديدَ لمنْ ليس لديه جديد!

الوطن يحتاج استنساخ عقول قادرة على التغيير وإحداث ثورة اقتصادية حقيقية تحرك شبابًا واعدًا ورجال مصرَ نحو نهضة حقيقية ترفع عنِ الكاهل الأثقال غير المسبوقة وتضع البلاد في مكانها المناسب على خريطة العالم!

 اقرأ أيضا

صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : بأيدينا لابأيديهم !

صبري حافظ يكتب لـ «30 يوم» : الرئيس المحبط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى