
أرست المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمي إسكندر، اليوم السبت، مبدأين قضائيين جديدين في حكمين صادرين عنها، شملت تفسيرًا حاسمًا لنصوص قانونية محل خلاف، ليشكلا مرجعية ملزمة لجميع جهات التقاضي.
المبدأ الأول تناول مسكن الحضانة، حيث قضت المحكمة بأن حق الحاضنة في الاحتفاظ بمسكن الحضانة ينتهي قانونًا ببلوغ الصغير أو الصغيرة السن الإلزامي للحضانة، وفقًا لما ورد في المادة (18 مكررًا ثالثًا) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، كما تم تفسيره في الدعويين الدستوريتين رقم 7 لسنة 8 قضائية و119 لسنة 21 قضائية.
وأكدت المحكمة أن التزام المطلق بتوفير مسكن الحضانة لا يمتد بعد انتهاء مدة الحضانة الإلزامية، ما يترتب عليه أحقية الزوج المطلق في استرداد المسكن والانتفاع به، إذا كان مالكه قانونًا منذ البداية. وأشارت إلى أن استمرار بقاء الحاضنة بالمكان بناءً على إذن قضائي بعد هذه المرحلة يُعد استبقاءً اختياريًا لا يمنحها حق السكنى في مسكن الزوجية.
كما شددت على أن هذا التفسير يتمتع بحجية مطلقة وفقًا لنص المادة (195) من الدستور، والمادة (49) من قانون المحكمة، ما يُلزم كافة السلطات، بما فيها الجهات القضائية، بالالتزام الكامل به.
أما المبدأ الثاني، فارتبط بمسألة الأثر الرجعي لأحكام عدم الدستورية في المواد الجنائية، حيث قررت المحكمة أن الأثر الرجعي لحكم بعدم دستورية نص جنائي لا يُطبق إلا إذا كان هذا النص قد استُخدم فعليًا كأساس للإدانة في حكم بات.
وبيّنت أن الأثر لا يسري على الأحكام التي لم تُطبق النص الملغى، أو إذا لم يكن هو الأساس المباشر للإدانة، أو إذا لم يكن النص مرتبطًا بأدلة الإثبات التي اعتمدت عليها المحكمة.
وخلصت المحكمة إلى أن العلاقة بين الحكم البات والنص المقضي بعدم دستوريته يجب أن تكون واضحة ومباشرة، بما يضمن أن الحكم قد بُني على النص المُلغى بالفعل، وإلا فلن يسري عليه الأثر الرجعي.
وتُعد هذه المبادئ القضائية توجيهًا ملزمًا لكافة المحاكم، وتأكيدًا على الدور المحوري للمحكمة الدستورية العليا في تفسير النصوص القانونية وحسم التنازع حولها بما يضمن توحيد التطبيق القضائي.