أخبار العالمتوب

المفاوضات النووية الصعبة بين أمريكا وإيران على الأراضي العُمانية .. سر اختيار السلطنة لحوار المتحفزين

تحتضن سلطنة عمان اليوم السبت محادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، للوصول لإتفاق نووي وسط ضغوط كبيرة، وتهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعمل عسكري في حال الفشل بالتوصل إلى صفقة جديدة.

السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان

لماذا عُمان؟

عوامل عدة تجعل من أي بلد مخوّلاً بلعب دور الوسيط في حل النزاعات، من بين هذه العوامل، موقعه الجغرافي، وعلاقاته الدبلوماسية الجيدة، واعتماده الحياد والمصداقية في تعاملاته الدولية، واستقراره السياسي الداخلي.

وهي عوامل متوفّرة في سلطنة عُمان منذ عشرات السنين.

هذه السياسة الخارجية أرساها السلطان الراحل قابوس بن سعيد آل سعيد منذ توليه مقاليد الحكم عام 1970.

وقامت هذه السياسة على مبادئ ثلاثة: الحياد والوساطة وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول.

ولعل أبرز ما قاله السلطان الراحل قابوس في هذه الصدد يتلخص في جملته الشهيرة: أبتعدُ تماماً عن سياسة المظاهر، والأصداء الرنّانة، ولا أسعى من وراء ما أعمل إلى خطف بريق، وسياستنا الخارجية تتلخّص في الحياد، وعدم التدخّل مطلقاً في شؤون الآخرين.

وهو عامل متوارث تتوارثه السلطة الحاكمة في سلطنة عمان و يقودها حاليا السلطان هيثم بن طارق بروح وثّابة و رؤية ثاقبة ، وعمل وصبر متواصلين للوصول بالبلاد لقمة ماترنو ليه أي بلد متقدم ومتطور وباحث عن مكانة رفيعة تحت الشمس.

وفي عام 1971، انضمت السلطنة إلى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

وفي العام 1981 انضمت عُمان وهي ثاني أكبر دولة خليجية من حيث المساحة، إلى مجلس التعاون الخليجي. وبالتزامن مع التزاماتها الدولية والعربية والخليجية، فعّلت السلطنة سياستها الخارجية عبر تبادل البعثات الدبلوماسية وانفتاحها على العالم.

محطات عُمانية في الحياد والوساطة

حياد السلطنة يعتبر أمراً لا بد من التوقف عنده، نظراً لموقعها الجغرافي الحافل بالتوتّرات والصراعات.

فقد اعتمدت عُمان سياسة خارجية حيادية، حيال أكثر الملفات حساسية في المنطقة، كالحرب بين إيران والعراق في ثمانينيات القرن العشرين، ومن ثم الغزو العراقي للكويت عام 1990.

وبعد تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام1981، تمسّكت مسقط بموقفها المحايد من الحرب العراقية الإيرانية التي بدأت عام 1980 وانتهت عام 1988، خلافاً لمواقف الدول الخليجية التي وقفت حينها إلى جانب بغداد بسبب القلق من توسّع النفوذ الإيراني في المنطقة. وحافظت مسقط على علاقاتها المتميّزة مع طهران، من دون الإخلال بعلاقاتها مع دول المجلس في الوقت نفسه.

محادثات هي الأعلى

وستكون هذه المحادثات الأعلى مستوى بهذا الشأن منذ أن انسحب ترامب من الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في العام 2018 خلال خلال ولايته الأولى.

يقود المفاوضات التي وصفها الطرفان بأنها تهدف إلى اختبار النوايا وجس النبض، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، من جهة، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، من جهة أخرى، خلف أبواب مغلقة في مسقط.

المؤشرات تشير إلى التباعد بين الجانبين، خلال اليومين الماضيين، حيث لم يتم تأكيد صيغة المحادثات حتى الآن، إذ وصفتها الولايات المتحدة بأنها مباشرة، بينما تصرّ إيران على وجود وسيط، وفق ما أفادت وكالة فرانس برس.

و أوضح مصدر مطلع بأن التفاوض سيبدأ بشكل غير مباشر ثم يستأنف بشكل مباشر إذا كان الاجتماع الأول إيجابيا، حسب ما أفاد موقع “أكسيوس”.

طهران أكدت أن الهدف الوصول إلى اتفاق عادل وحقيقي ومستدام، (وفق ما أكده أمس مستشار المرشد الإيراني علي شمخاني).

وأشار عراقجي سابقا إلى أن هدف المفاوضات رفع العقوبات ومناقشة مسألة الاتفاق النووي الذي تصر بلاده على أنه سلمي.

ولفت اليوم أيضا إلى أنهناك فرصة للتوصل إلى تفاهم أولي بشأن المزيد من المفاوضات إذا خاضت أمريكا المحادثات على أساس التكافؤ.

ورأى علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية أن الاتفاق على نطاق المحادثات سيكون إحدى القضايا الأولى والأكثر أهمية.

وأضاف أن إيران لا ترغب في جدول أعمال واسع في المراحل المبكرة.

لكن لن يكون أي اتفاق مستدام ما لم يصبح أكثر شمولا، وفق ما نقلت فرانس برس.

وأوضح أن طهران يُحتمل أن تنخرط في خطوات لخفض برنامجها النووي، ولكن ليس تفكيكه تماما مقابل تخفيف العقوبات.

واعتبر كريم بيطار المحاضر بدراسات الشرق الأوسط في كلية العلوم السياسية في باريس، أن المفاوضات لن ترتكز حصرا على البرنامج النووي” ، ولا بد أن يشمل الاتفاق توقف إيران عن دعم حلفائها الإقليميين.

تود واشنطن منع طهران من الاقتراب من تطوير قنبلة نووية من خلال إجبارها على إنهاء برنامجها النووي، وهذا ما أكده صراحة ويتكوف أمس في تصريحات لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

وأيضا تسعى لإبرام اتفاق نووي جديد قبل أن تنتهي صلاحية آلية العودة التلقائية للعقوبات التي كانت جزءا من الاتفاق السابق.

يشار إلى أن تلك المباحثات تأتي في ظل متغيرات في الشرق الأوسط، بعدما أضعفت حربان خاضتهما إسرائيل في قطاع غزة ولبنان حليفين رئيسيين لطهران هما حركة حماس وحزب الله، بينما يتعرض الحوثيون المدعومون منها لضربات أميركية مستمرة.

كما تعاني إيران كذلك من عقوبات مفروضة عليها منذ سنوات طويلة.

وبعد انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق المبرم في 2015، تراجعت إيران عن التزاماتها تدريجا.

وأعلنت مطلع كانون ديسمبر الماضي أنها بدأت تغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو “ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة في معدل إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60%”، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

و قدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الأخير أن إيران تمتلك 274,8 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، معربة عن “قلق عميق”.

وببلوغها عتبة تخصيب عند مستوى 60%، تقترب إيران من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى