د. بهاء درويش يكتب .. قيم الرأسمالية تغرب الإنسان
لم تفسد الحياة مثل قيم الرأسمالية التي استطاعت الرأسمالية فرضها على حياة الناس منذ بدء الثورة الصناعية الأولى من وقتها لم يعد الإنسان يقاس إلا بقدر ما يملك وليس بقدر ما يعطي وما يملك من قيم يطبقها في حياته .
غلبت الأثرة الإيثار ، وغلب الأخذ العطاء. ولم تعد الناس تعرف بعضها إلا وقت الحاجة وأصبحت الحياة المادية هي السائدة حتى ان بعض العلماء اختصروا الانسان في جانبه المادي وأسعدهم ان يتطور العلم فيفسر كل الحالات النفسية والعقلية تفسيرا سلوكيا فيزيقيا .
إلا أن الوعي يقف حتى الآن متحدياً قدرة العلم والفلسفة على تفسيره تفسيرا فسيولوجيا ليظل تفسير الانسان في كليته تفسيرا فسيولوجيا بعيد المنال. وتبرهن الأيام أن الانسان ذا البعد الواحد ليس هو الانسان الذي ميزه الله عن كل الكائنات بقدراته العقلية وحريته في الاختيار .
نسي من رأوا ان العلم قادر على تفسير كل شيء في الكون ان هذا التوجه نفسه ليس علميا اي ان القول ان العلم وحده هو ما يقدّم المعرفة الصحيحة لا يمكن البرهان عليه بالمنهج العلمي.
لن يعود الانسان لنفسه الا اذا تذكر دائما انه كائن قاصر محدود لذا عليه مهما أوتي من قوة ان يتواضع لله وان يتواضع للناس
وان يتذكر ان الخير المنوط به فعله هو إيثار الآخرين على نفسه، بقدر ما يعطي الانسان بقدر ما يكشف عن جوهره الحقيقي وبقدر ما يعود إلى انسانيته التي اغتربت مع هيمنة العلم والإنبهار بنتائجه وسيادة قيمه وقيم الرأسمالية .