أخبار مصرتوبمنوعات

شيخ الأزهر يوضح معنى الدعاء في القرآن ومتى يكون صدقة جارية .. وكيف يحمي الله الأمة من غيوم الغرب السوداء

قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر: إن الدعاء ورد في القرآن الكريم بأكثر من معنى، والمعنى اللغوي له هو الطلب، موضحًا أن هذا الطلب إن جاء من الأعلى للأدنى يكون أمرًا، وإن جاء من الأدنى للأعلى يكون التماسًا، أما إن جاء بين متناظرين، أو من عبد إلى عبد آ خر؛ فيكون التباسًا، لافتًا أن صيغة الدعاء في كل الأحوال هي الأمر، حتى وهي موجهة من الأدنى للأعلى، ومن ذلك قوله تعالى: “رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا”، وقوله تعالى: “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً”، فالأفعال “اغفر”و”آتنا”هنا أفعال أمر من حيث الصيغة والشكل، إلا أنها تقتصر على ذلك لفظًا، ويتحول المعنى في فعل الأمر هنا إلى معنى الدعاء أو الالتماس، والعكس صحيح إن كانت من الأعلى إلى الأدنى تكون أمرًا، مضيفًا أنه إن كان ذلك بين النظيرين أو المتساويين؛ فإنه لا يكون أمرًا، فالأمر الحقيقي لا يأتي إلا من الأعلى إلى الأدنى؛ بمعنى: أنه لا يكون إلا من الله تعالى إلى العبد، وبذلك يكون الأمر بين المتناظرين التباسًا.

الأدب مع الرسول عند النداء

وبيَّن الإمام الطيب في الحلقة السادسة والعشرين من برنامج “الإمام الطيب”، أن معنى الدعاء في قوله تعالى: “لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ” هو النداء، حيث كان بعض الصحابة ينادونه صلّ الله عليه وسلم باسمه؛ فأوضح لهم الله تعالى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- له حرمة، ويجب أن نتأدب معه، فهو صاحب الوحي، مصداقًا لقوله تعالى: “قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ”، والوحي هنا يرفعه صلّ الله عليه وسلم إلى درجة الإنسان الكامل، لافتًا إلى أننا حين نستقرئ حياته الشريفة، نوقن أنه لا يحتملها البشر العادي، ولا يجود بما جاد به هذا النبي الكريم؛ لأن الله تعالى هو الذي أدبه وربَّاه على هذه الفضائل، مصداقًا لقوله صلّ الله عليه وسلم: “أدبني ربي؛ فأحسن تأديبي”، فشخصية بهذه المواصفات يجب أن يعرف من حوله قدره حين ينادونه، فلا ينادونه إلا بـ”يا رسول الله”، أو “يا نبي الله”.

الأدب عند مناداة الكبير

وأوضح فضيلة الإمام الطيب ضرورة مراعاة أخلاق الإسلام في مناداة الكبير بشكل عام، فلا ينادى مجردًا باسمه، بل لا بُدَّ وأن يسبق اسمه بـ”حضرتك”، أو غيرها من كلمات التقدير والاحترام، لافتًا إلى أنه قد حدث هبوط مفاجئ على مستوى التربية في البيت ودور التعليم، وعلى مستوى ما يتلقاه الطفل من الإعلام بشكل عام، بجانب ما يتلقاه أبناؤنا اليوم من الأجهزة الإلكترونية الحديثة التي بدأت تعبث بفطرتهم، وتشوهها، وتفرض عليهم سلوكيات لا تناسب تقاليدنا ولا أخلاقنا الإسلامية، إلا أن الله تعالى -ورغم كل ذلك- يبعث لهذه الأمة من يحميها من هذه الغيوم السوداء الداكنة التي تتدفق علينا من الغرب. وحول سبب نزول الآية الكريمة في قوله تعالى: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ”، قال الإمام الطيب:

الدعاء .. وقُرب الله

إن هذه الآية قد نزلت لتجيب على تساؤل صحابة رسول الله -صلّ الله عليه وسلم- حين سألوه “أقريب ربنا فنناجيه؟ أم بعيد فنناديه؟”، وقريب هنا: ليست قرب مكانة ولا قرب ذات، وإنما قرب علم وسمع ورحمة، مضيفًا أن الله تعالى يحب منَّا أن نتوجه إليه دائمًا بالدعاء؛ فهو تعالى لا تنفعه الطاعة، ولا تضره المعصية، ولكن صفات الذات الإلهية كالإكرام والعفو والغفران تتطلب من العبد الاتجاه إليه تعالى بالدعاء دائمًا، طلبًا للرحمة والعفو والغفران.

 الفارق بين الدعاء والتسبيح

واختتم فضيلته، بالإشارة إلى أن الفارق بين الدعاء والتسبيح: فـ الدعاء من ذكر الله، أما التسبيح فهو ثناء وإجلال وتنزيه لله سبحانه وتعالى، لافتًا إلى أن الدعاء يكون صدقة جارية إذا كان من ولد صال مصداقًا لقوله صلّ الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتَفع به، أو ولد صالح يدعو له”.

فيكون الدعاء من الولد الصالح هنا صدقة جارية، يحصل ثوابها للمدعو له، سواء كان الأب أو الأم، موصيًا من يتوجه إلى الله بالدعاء بالثقة في الله، وأن يكون الحال عنده أن لا ليس له ملجأ إلا هذا الذي يدعوه، وأن الباقي كلهم عباد مثله لا يضرونه ولا ينفعونه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى