خالد إدريس يكتب لـ «30 يوم» : توجيه رئاسي لتعديل دفة الميديا

في الوقت الذي يتبارى فيه كتاب ومنتجو الدراما المصرية والبرامج الترفيهية والحوارية بموسمها الرمضاني، خرج برنامج “قطايف” للفنان سامح حسين، ليقلب الطاولة على الجميع بعد أن حظي بمتابعة واسعة من الجمهور، رغم أنه لا يُعرض على أي قناة فضائية أو منصات تنفق الملايين على أعمالها ، بل عُرض على وسائل التواصل الخاصة بالفنان .
برنامج سامح حسين البسيط الذي لم يتكلف سوى مبالغ ضئيلة ، كشف ضحالة وسوء إدارة من يتحكمون في الميديا بصفة عامة ويستقطبون أصحاب الثقة فقط ويدفعوا بهم لتصدر المشهد ، ويتقاضون مبالغ ضخمة ، بينما هناك مئات من الموهوبين يجلسون في منازلهم، يبحثون عن فرصة لإثبات وجودهم ولكن دون جدوى .
برنامج سامح حسين ، هزم الانتاج الضخم لبعض الشركات ، ودحض نظرية ” الجمهور عايز كده ” وأثبت أن المشاهدين يمكنهم التمييز بين الغث والثمين ، بين المحتوى الذي يثير الغرائز ويضرب بالقيم والتقاليد عرض الحائط ، ويسئ للمجتمع المصري ، وبين ما يحض على الفضائل والتمسك بالقيم الإنسانية والأخلاقية والدينية .
برنامج “قطايف” مثال على نوعية البرامج التي يمكن أن تجمع بين التسلية و الوعظ بأسلوب غير مباشر. حيث اعتمد البرنامج على أسلوب ديني اجتماعي هادف، محققًا نجاحًا كبيرًا بين الجماهير. ورغم أن البعض يعتبر هذا النوع من البرامج “مملًا” أو بعيدًا عن اهتمام الشباب ، فإن نجاحه في جذب المشاهدين في ظل البرامج الأخرى التي قد تحمل محتوى مبتذلاً أو سطحيا، يعد شهادة على رغبة الناس في العودة إلى الأعمال الجادة التي تحترم عقولهم ولا تستهدف الترفيه الزائف.
تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة وانتقاده لبعض الظواهر السلبية في الأعمال الفنية، مطالباً أن تكون الدراما أكثر مسؤولية وأن تعكس القيم الحقيقية للمجتمع ، كان لها مردود إيجابي رائع على الساحة الإعلامية والفنية، حيث سلطت الضوء على تحديات قطاع الدراما في ظل ما يراه البعض محاولة لتسويق أعمال فنية بعيدة عن الواقع ولا تتناسب مع القيم و المبادئ التي يتبناها المجتمع المصري.
أعتقد أن تصريحات الرئيس السيسي بمثابة رسالة ودعوة ملحة لتوجيه دفة الإعلام وبوصلة الدراما المصرية نحو محتوى هادف يجسد قوة المجتمع المصري في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية فهي تعكس حرص الرئيس على أن تكون الأعمال الفنية أداة من أدوات التغيير الاجتماعي التي تسهم في توعية المجتمع ، بدلاً من أن تكون سببًا في نشر مفاهيم مغلوطة تُساهم في الانحراف عن القيم الثقافية والاجتماعية والدينية.
الدراما المصرية على مدار عقود كانت أحد أهم عوامل التأثير في الوعي الجمعي للأمة، وأصبحت مرآة تعكس تطلعات الشعب وهمومه، من خلال معالجة قضايا المجتمع المصري ، وذاكرة الدراما المصرية مليئة بالكثير من الأعمال الجادة والمحترمة البعيدة كل البعد عن البلطجة والعري ، ومال زالت خالدة في وجداننا ، منها أعمال شملت أجزاء عديدة ونجحت في جذب المشاهدين في الوطن العربي ونالت ثقتهم واحترامهم ، وأجبرتهم على متابعتها لسنوات طويلة .
نحتاج إلى أعمال فنية تتعامل مع قضايا الطبقات الاجتماعية، و الحقوق الإنسانية، و التنمية المستدامة، نحتاج إلى أعمال تعمق الانتماء وتستفيد من القوة الناعمة التي تمتلكها مصر في مجال الفن والإعلام. ولعل نجاح برامج مثل “قطايف” يدل على أن الوعي الجماهيري في تزايد، وأن تقديم دراما محترمة و جادة يمكن أن تجد مكانًا في قلب وعقل الجمهور المصري.
Khalededrees2020@gmail.com