
أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين -خلال حديثه اليوم بالحلقة التاسعة من برنامج «الإمام الطيب»- أن اسم “المقيت” هو أحد أسماء الله الحسنى الثابتة بالقرآن الكريم والسُّنَّة النبوية وإجماع الأمَّة، مشددًا على أهمية فهم الدلالات اللغوية العميقة لهذا الاسم؛ لتعميق الإيمان، وإدراك عظمة الخالق.
وبيَّن شيخ الأزهر، أن اسم الله “المقيت” وَرَدَ في القرآن الكريم في سورة النساء: ” وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مَقِيتًا”، وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي يُعدِّد أسماء الله الحسنى، موضحًا أن أصل «المقيت» مشتق من “القوت” الذي يُقيم حياة الإنسان.
موضحًا أن الفعل “قاتَ يَقُوت” يرتبط بتوفير الطعام والشراب كضرورة لبقاء الأحياء، وهو ما ينطبق على الله تعالى كمُمدِّد الأرزاق لكل المخلوقات، مستشهدًا بقوله تعالى: “وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا”.
كما تطرَّق فضيلته إلى الخلاف اللغوي حول معنى “المقيت”؛ حيث ذهب بعض العلماء إلى أن الاسم يحمل معنى “الشاهد” أو “القادر”، مستندين إلى تفسير ابن عباس -رضي الله عنهما- الذي فسَّر “مقيتًا” بـ”قادرًا”، وإلى استشهادات من الشعر الجاهلي الذي استخدم اللفظ بمعنى: القدرة على الفعل، مثل: قول الشاعر: «كُنتُ عَلَى مَسَاءَتِهِ مَقِيتًا» (أي: قادرًا على رد الإساءة).
وأشار فضيلته، إلى أن اللغة العربية تُعدُّ أداةً أساسية لفهم القرآن الكريم، لافتًا إلى أن بعض اشتقاقات الأسماء –مثل “المقيت”– قد تخرج عن القياس النحوي المألوف، لكنها تثبت بالسماع (كاستخدامها في القرآن والشعر العربي)؛ حيث أعطانا معنى شاهد بحروف مختلفة عن المصدر، مؤكدًا أن «السماع حجة لا تُعلَّل، بينما القياس يُعلَّل».
وختم الإمام الأكبر حديثه، بالتأكيد على أن تعلم اللغة العربية عبادة؛ لأنها تُعين على فَهْم كتاب الله تعالى، الذي نزل بلسان عربي مبين، مشيرًا إلى أن إعجاز القرآن لا ينفد، وأن من إعجاز القرآن أنك تجد المُفسِّر مثلًا: حجة في البلاغة، أو فقيهًا يملأ تفسيره من هذا الفقه، كما أن كل عصر يكتشف فيه جوانب جديدة من حكمته.
و المقيت من “أسماء الله الحسنى “اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ﴿وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا﴾ سورة النساء:85.
فقال بعضهم تأويله: وكان الله على كل شيء حفيظاً وشهيداً، وقال آخرون معنى ذلك: القائم على كل شيء بالتدبير وقال آخرون: هو القدير، ثم قال: (والصواب من هذه الأقوال، قول من قال: معنى المقيت القدير، وذلك فيما يذكر كذلك بلغة قريش وينشد للزبير بن عبد المطلب عم رسول الله صلّ الله عليه وسلم.
وذي ضغن كففت النفس عنه،وكنت على مساءته مقيتًا
وقد قيل: إن منه قول النبي صلّ الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقيت».
وفي رواية من رواها (يقيت) يعني: من هو تحت يديه وفي سلطانه من أهله وعياله، فيقدر له قوته، يقال منه أقات فلان الشيء يقيته إقاته، ووقاته يقوته قياتة، والقوت الاسم.