
ألقى المستشار محمد شوقي، النائب العام، كلمة خلال احتفالية إطلاق “استراتيجية النيابة العامة للتدريب” مساء اليوم الخميس استهلها بالترحيب بالدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والوزراء الحضور، والسادة النواب العموم العرب لدول : فلسطين، ومملكة البحرين، والسودان، ورئيس محكمة التمييز البحرينية، وقضاة مصر الأجلاء، رؤساء الجهات والهيئات القضائية.
وقال النائب العام : قبل أن أقف أمام حضراتكم اليوم، ناظرًا لهذا المشهد المشرق، الذي كنت أتأمله حلما وهدفا، جال بخاطري الوقوف والبحث عن المسببات الواقعية البعيدة، التي أودت إلى حدوثه وجعله واقعا مشيرا إلى أن الرؤية، والتخطيط، والتنفيذ، والمتابعة، من بعد توفيق من الله أولا وأخيرا، حتما كانوا جانبا مباشرا وراء ذلك، إلا أن السبب البعيد كان لا بد له أن يكون أعمق وأسمى من ذلك.
النائب العام : مصر بلد منيع بلحمة أبنائه
وأوضح محمد شوقي أن السبب وراء ذلك أنه من بعد رؤية وقراءة صريحة للمشهد العام على مدار السنوات الماضية، واستنباطا صائبا كالذي نطبقه في أحكامنا، كانت الإجابة أن السبب وراء ذلك كله أننا في مصر، وإننا مصريون، ذلك البلد المنيع المحصن بلحمة رجاله وتكاتف أبنائه، فكانت لهم دولة تغيرت حدود العالم من حولها، دون أن تتغير، وماجت الصراعات عليها، دون أن تحيد أو تميد، وتد راسخ في جذور التاريخ، ترسم هي ملامحه، مهما حاول أخفياء التدبير أن يعيدوا رسمها عبثا.
وأضاف النائب العام : كانت الفرصة لأبنائها وبناتها أن يهنأوا بوطن يبدعون فيه ويفكرون، لهم جيشهم ورجال أمنهم وقضاؤهم، يحرسون الأرض والعرض، ويمهدون المجال لظروف تسمح بالإبداع والثقافة والعلم، فتحين لنا نحن الفرصة لأن نجتمع في حدث بقيمة ما اجتمعنا لأجله اليوم، فهذا هو السبب الواقعي البعيد تأملته وأردت أن أصارح به نفسي وإياكم – كفضل كبير من الله – ومنحة لوطننا الغالي مصر، الذي أعيش فيه إنسانا ومواطنا، قبل أن أكون قاضيا أو نائبا عاما.
واستطرد : ومن ذلك المنطلق الإنساني، لم أستطع حين كتابة كلمتي إلا أن أبوح بما يمليه علي ضميري القضائي، فيما يدور حولنا، من ردة حاصلة على الأعراف والمواثيق والاتفاقات الدولية، بل وحقوق الإنسان البدائية، التي اتفقت عليها الفطرة البشرية، قبل أن يبدأ التشريع ويعرف القانون، فشريعة الغاب لم يسبق لها أن تسود الأرض، إلا في أزمنة سحيقة تجاوزتها البشرية – دون مبالغة – منذ آلاف السنين، أما البوح بالظلم، والمجاهرة بالجور، والترويج لتطبيع مخالفة القانون فهو صدمة تروع الآمال، وتهيل الثرى على تاريخ تطور الأخلاق.
وأشار : وإني أعلم تمام العلم أنني أولا وأخيرا قاض، بعيد كل البعد عن الخوض في شأن قد يظنه البعض خوضا في عمل سياسي، إلا أن ما تحدثت عنه الآن هو أمر بعيد كل البعد عن السياسة في حد ذاتها، بل هو من أوجب موجبات الضمير القضائي، الذي يجب أن يصدع بالحق حال معاداة الإنسانية، ومخالفة القوانين والمواثيق الدولية، فلطالما عرف القضاء على أنه ضمير تلك الأمة التي أوكل الله لها قدرا – ليس فقط أن تكون حارسة للسلم بمحيطها الإقليمي والقاري – بل كان قدرها أن تهب البشرية حضارة وعلما، وأن تصون للإنسان كرامته في شتى ربوع الأرض، ولو حتى بإنصاف الكلمة أو الدعوة للاصطفاف خلف الحق، كسبيل وحيد لإخماد الفتن وأد جرائم الحروب.
استراتيجية تدريبية لدعم بناء الإنسان المصري
وقال : لقد تعلمنا من التاريخ أن أحلك فترات البشرية لم تنقشع غمتها إلا بالكلمات والعلم، ومن هنا أعلن أن النيابة العامة المصرية، بيت العلم القانوني والقضائي، تضطلع بدورها كمؤسسة مستقلة أصيلة من مؤسسات الدولة، لتنفيذ مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبناء الإنسان المصري، وفقا لرؤية مصر 2030، التي نسعى بإصرار ودأب على مواكبة خطاها – كل في موقعه.
وأوضح أنه ما كان منا على مدار الأشهر الماضية إلا التحضير والسعي الجاد لإطلاق مبادرة اليوم بعنوان “استراتيجية النيابة العامة للتدريب 2025 – 2030″، بحضور صفوة من رجال وسيدات مصر، ونخبة من الأشقاء العرب، وقامات علمية، وطلاب دوليين، حاملين على كواهلهم عاتق المشاركة والإسهام في أي عمل أو مبادرة ترمي إلى رفعة الأوطان وازدهار العلم وإعلاء القيم الإنسانية.
واختتم النائب العام كلمته بالإشارة إلى أنه يتوجه بهذه الكلمة إلى ضمائر العالم الحية، قاضيا متحيزا للحق، عسى أن يريد الله أن تقرع كلماتنا آذانهم، لعلهم يتدبرون قائلا: “افسحوا مجالا للتكامل والعلم والثقافة، ولا ترجعوا بالإنسانية إلى الوراء، كونوا دعاة علم وسلام، واسعوا لمثل ما نسعى له اليوم تعليم، وتدريب، وتكامل، وتطور، وأهداف استراتيجية مستنيرة، سأترك المجال لاستعراضها بمعرفة أحد كوادر النيابة العامة المضيئة”، مكررا الشكر للسيد رئيس مجلس الوزراء، والضيوف الحضور، كما عبر عن اعتزازه وخالص مودته بتشريفهم احتفالية إطلاق استراتيجية النيابة العامة للتدريب.