الأديبة السورية هيام سلوم تكتب لـ «30 يوم» : بين أحضان الثلج وعلى الشطٱن…

في أول خطوة لي بالثلج غاصت رجلي فيه ولسعتني حباته أخذني المشهد إلى قريتي الجميلة ( بيت ياشوط) أيام كانون الباردة ، كنت أشعر بدفء ثلجها وحنانه. وتغريني مدافىء الحطب التي تنشر دخانها في السماء ترسم لوحات من الدخان سرعان ماتغيب .
في مدينة موسكو لم يكن قلبي معي كان معلقاً على غصن شجرة في وطني في سوريتي هنا الثلج بارد جاحد سيما عندما ترتص تلك الأكوام من الثلوج وتبدأ بالذوبان كأنك تمشي على ألواح زجاجية ،يعتريك الخوف في كل لحظة .تتشبث بخطواتك اتقاءاً لهذا الوحش الذي بات في كل الأمكنة فارضاً نفسه في كل شيء في الماء والهواء والكهرباء في الصحو والنوم .
احتل المحاجر والمحابر ..
امسك قلمي لأخط شيئاً عن الأمان فأجدني أتعثر في الحصول على رغيف من تنوره إنهم التهموا كل طحين المخابز والبيادر وصادروا القمح والسنابل .
كل شيء بات متصدعا بالخوف صباحاتنا ليالينا مصابة بداء الاجترار.
لغة القتل المجاني تتربع كل العناوين. تستهدف كل الشرفاء والعقلاء من أمتي .تستهدف الشباب وتبالغ في إيقاع الظلم والأذى في طائفة العلويين التي كانت ترزح تحت وطأة الظلم قبل النظام وبعد النظام .
تدفع كل يوم أثماناً باهظة ، خطف واعتقال وتعذيب وقتل وتهجير ومعاناة لظروف اقتصادية قاهرة وصلت حد الفقر القاتل .
في مقابلة أجراها صحفي غربي مع زعيم قبيلة من أكلي لحوم البشر .
قال الزعيم للصحفي : نحن نقتل لنأكل
أما أنتم العرب فلما تقتلون بعضكم البعض ما دمتم لاتأكلون لحوم البشر!؟
كل عاقل بتساءل : بأي حق يقتل الإنسان الإنسان ؟
كل مانسمعه من أخبار عن سورية جديدة ليس أكثر من أكاذيب وترهات .
وماتبثه الشاشات ومنصات التواصل ليس كما يحدث على الأرض.هذا الغول الاعلامي والضخ هو الحرب الحقيقية بالاضافة لما يجري على الأرض.
الأخبار توكد سلامة الطريق . ولكن الحقيقة عكس ذلك فلا سلام ولا أمان ولا استقراركل يوم يغتال الحقد قامة من قامات العلم
ونحن على حدود النار نتكأ على زوايا حادة كالسكاكين ،تذبحنا وتقتل أرواحنا
نحترق كل يوم مئات المرات بحدَث هنا وقتل هناك حتى صرنا وقوداً لحروب وأجندات وسياسات واستراتيجيات وقوى عالمية كبرى.
منذ الخليقة و الحروب تحرق الأرض وتنهب خيراتها وأشجارها وشبابها .
لقد تمنيت في حياتي الحرائق التي تطهر الأرض من ثعابينها ومن شياطينها.
الحرائق التي تضيء وجه الحياة، ولا تطمس ملامحها .
تمنيت الحرائق التي تفتح في جدران العتمة نوراً وفي جدران التلبّس باليأس أملاً..
تمنيت الحرائق ان تكون ناراً في الذاكرة وفي أوصال الذين أصاب -البرد- قلوبهم؟!
تمنيتها أن تفتح نوافذ الضوء للبشرية. .
وتلغي شيطان الخوف والحروب الساخنة والباردة وتنشر الدفء والأمان ويعم الحب والسلام في أحضان الوطن .