
ليلة النصف من شعبان من الليالي المباركة التي وردت في عدة أحاديث عن النبي صلّ الله عليه وسلم تؤكد عظم فضلها، ومنها قوله:
يَطَّلِعُ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِعِبَادِهِ، إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ.. (رواه ابن ماجه).
جاء أن الله سبحانه وتعالى كرم نبيه – صلّ الله عليه وسلم – في ليلة النصف من شعبان، بأن طيب خاطره بتحويل القبلة، لتقر عينه، فقلبه معلق بمكة، أي أن من أسرار ليلة النصف من شعبان أن فيها طيّب الله تعالى خاطر النبي –صلّ الله عليه وسلم- وحب مكة كان كلمة السر.
وجاء أن تحويل القبلة من المسجد الأقصى بالقدس إلى المسجد الحرام جاء لتقر عين الرسول صلّ الله عليه وسلم – فقلبه معلق بمكة، يمتلئ شوقًا وحنينا إليها، إذ هي أحب البلاد إليه، وقد أخرجه قومه واضطروه إلى الهجرة إلى المدينة المنورة، التي شرفت بمقامه – صلّ الله عليه وسلم- الشريف، فخرج من بين ظهرانيهم، ووقف على مشارف مكة المكرمة، قائلا: «والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» (رواه الترمذي).
وورد أنه صلّ الله عليه وسلم ظل متعلقًا بمكة المكرمة بعد أن استقر بالمدينة المنورة، فأرضاه الله عز وجل بأن جعل القبلة إلى البيت الحرام، فكانت الإقامة بالمدينة والتوجه إلى مكة في كل صلاة، ليرتبط عميق الإيمان بحب الأوطان.
و تحويل القبلة فيه إشارة إلى انتقال القيادة والإمامة في الدين من بني إسرائيل، الذين كانت الشام وبيت المقدس موطنهم، إلى العرب الذين كانت الحجاز مستقرهم، والنبي صلّ الله عليه وسلم من ذرية إسماعيل، وقد شارك أباه إبراهيم -عليهما السلام- في بناء البيت، بخلاف أنبياء بني إسرائيل، فإنهم من ذرية إسحاق -عليه السلام-.
كما أن ارتباط مناسك الحج بالبيت الحرام، وبالكعبة المشرفة، فناسبه أن يكون التوجه بالصلاة إلى البيت، الذي تكون فيه وحوله المناسك.
وهي امتحان لـ المؤمن الصادق واختباره ، فالمؤمن الصادق يقبل حكم الله جل وعلا ، بخلاف غيره ، وقد نبّه الله على ذلك بقوله : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم ﴾”[ البقرة: 143″
وبدأت ليلة النصف من شعبان 2025 “الليلة “من مغرب اليوم الخميس الموافق الرابع عشر من شعبان 1446هـ، 13 فبراير 2025 م.. و تنتهي ليلة النصف من شعبان 2025 فجر يوم الجمعة الخامس عشر من شهر شعبان لعام 1446هجريًا، 14 فبراير 2025 م.
ويدل الحديث على أن ليلة النصف من شعبان فرصة عظيمة لنيل المغفرة والرحمة، شرط أن يكون القلب نقيًا من الشرك والخصام.
أفضل الأعمال في ليلة النصف من شعبان
ومن أفضل الأعمال في ليلة النصف من شعبان ما يلي:
1- الإكثار من الاستغفار والتوبة
ليلة النصف من شعبان فرصة لمراجعة النفس والتوبة من الذنوب، والحرص على تصفية القلب من الضغائن.
2- قيام الليل
من الأعمال المستحبة في ليلة النصف من شعبان قيام الليل بالصلاة والدعاء، أسوةً بالنبي صلّ الله عليه وسلم الذي كان يُكثر من القيام والدعاء في مثل هذه الليالي المباركة.
3- قراءة القرآن
تلاوة القرآن في ليلة النصف من شعبان لها أجر عظيم، فهي فرصة لزيادة الحسنات والتقرب إلى الله.
4- الصيام في يوم 15 شعبان
ورد أن النبي صلّ الله عليه وسلم كان يكثر من الصيام في شعبان، لذا يُستحب صيام يوم 15 من شعبان لمن استطاع ذلك.
5- الدعاء والتضرع إلى الله
من أفضل الأعمال في هذه الليلة الإكثار من الدعاء لنيل المغفرة، والرزق، ودفع البلاء، والتوفيق في الدنيا والآخرة.
أهم الأدعية في ليلة النصف من شعبان
يمكن للمسلم أن يدعو بما شاء من الأدعية الطيبة، ومنها:
– «اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تحب العفو فاعفُ عني».
– «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك».
– «اللهم ارزقني حسن الخاتمة، واغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين».
– (اللهم اجعل هذه الليلة بداية خير وفرج لكل مهموم ومريض، وأكتب لنا فيها من المغفرة والرحمة ما تقر به أعيننا).