الدكتور جمال عبد العزيز يكتب لـ «30 يوم» : الوضع العربي .. المتوقع و غير المتوقع من ترامب و نتنياهو
الحمد الله والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين وسيد الخلق أجمعين سيدنا محمد خاتم الانبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه اجمعين .
تعلمت عند البحث فى مشكلة ما, أن تكون مرجعيتى المشكلات المماثلة للمشكلة الحالية, وتسمى عند الباحثين (الدراسات السابقة), وما مدى الاستفادة من نتائج تلك البحوث السابقة, ثم نقوم بعمل دراسة تقدير موقف للمشكلة الحالية من كافة الجوانب فى ضوء بعض التساؤلات المحددة. فيسأل القارىء . ما علاقة المقدمة هذه بترامب .. نتنياهو؟.
الإجابة ببعض التساؤلات : هل ترامب رئيس أمريكا لأول مرة ؟ ألم نعرف سياسة ترامب فى الفترة السابقة لحكمه؟
هل كانت هناك دراسة تقدير موقف عندما يتولى ترامب رئاسة امريكا للمرة الثانية ؟
هل كان هناك مخطط وسيناريو لمواجهة هذا الرئيس الفاشى التاجر؟
هل تغير موقف العرب من التفرق والتأزم بعد إنذار واضح ممثل فى فوضى ثورات الربيع العربى؟
هل ما زال العرب رد فعل للحدث بالشجب والاستنكار والرفض فقط ؟
هل العرب لايدركون أن كل رئيس لأمريكا تأتى به الصهيونية ليمثل دور محدد لأهدافهم ؟
ماذا فعل العرب من استعداد فى ضوء مخطط الشرق الأوسط المعلن لبرنارد لويس منذ عام 1983 والذى وافق عليه الكونجرس الامريكى بتقسيم الشرق الاوسط؟ .
ثم إن بعد فوضى ثورات الربيع العربى, والمخططات الصهيونية تتجه إلى إطار التنفيذ وأصبح اللعب على المكشوف, فهل نجحت الصهيونية فى قاعدة فرق .. تسد .
هذه التساؤلات تشير الى أن دراسة تقدير الموقف، إما غائبة أو كل دولة تعمل دراستها لذاتها مع أن العدو واحد والخطر واحد وإن تفاوت فى نسبته.
والمتوقع من خلال كل هذه التساؤلات أن تستفيق الدول العربيه للمخططات الصهيونية بأن تحد على الأقل من المعاملات مع إسرائيل وأمريكا فى ضوء تقدير الموقف، وغير المتوقع بعد الإبادة الجماعية لأهل غزة أن تستمر معاملات كثير من الدول مع إسرائيل وكأنها تعطيها جائزة على الإبادة.
و الدولة الوحيدة حفظها الله التى تجيد دراسة تقدير الموقف مع العدو الإسرائيلي هى مصر وانظر إلى الماضى .
رحم الله الرئيس السادات تعلم الدرس جيداً وعرف أنه ليس هناك سلام إلا بعد نصر وهزيمة للعدو, فأخذ أرضه بعد حرب بقوة وعزة, ودعا كل الأطراف العربية إلى السلام ليستعيدوا حقوقهم فقاطعوه وإتهموه بالخيانة ثم تآمروا عليه وقتلوه وضاعت عليهم الفرصة لانهم ليس لديهم تقدير موقف.
ورحم الله الرئيس مبارك أعاد العلاقات العربية ورفض الكثير من الضغوط الغربية عليه بخصوص القضية الفلسطينية رفضها بقوة ولم يستسلم رغم المؤمرات عليه ومحاولة قتله لأنه يقف حجر عثرة أما تنفيذ مخطط تقسيم الشرق الأوسط, فصنعوا له وللدول العربية فوضى الربيع العربى ورحل الرجل وبقى فى بلده ولم يهرب كغيره من الرؤساء وترك نموذج للرئيس البطل الذى يخاف على بلده وشعبه ولم ينكر ذلك الشعب المصرى الأصيل رغم الشائعات التى أطلقها الاخوان عليه.
وجاء الى مصر رئيس إخوانى فرفضه الشعب وقام بثورة ضده وأسقطه, وأسقط معه مخطط تقسيم الشرق الوسط لأن الاخوان لايعترفون بوطن أو بدولة هم يريدون الخلافة الوهمية.
وجاء الرئيس السيسى وتعلم الدرس ممن سبقوه فكان حذراً من المؤمرات والمخططات وسلح جيشه بأحدث الاسلحة المتنوعة من أكثر من دولة ولم يعتمد على أمريكا أو روسيا وأصبح الجيش المصرى على أعلى مستوى من الكفاءة وحاربت مصر الإرهاب فى سيناء وياليت الإرهاب كان كله من الغرب.
وصبر على الاستفزازات العدائية من إسرائيل كثيراً لانه يعلم أنهم يريدون دماراً لمصر, فقد سقطت كل الأنظمة العربية من حوله وضعفت جيوشها, فأصبح الرئيس السيسى هو الذى يقف حجر عثرة أمام تنفيذ مخطط التقسيم ومعه جيشه القوى وشعب مصر الصامد فى كل الأزمات, والجميع يعلم إذا سقطت مصر سقط الجميع ،وسيطرت أمريكا على الشرق كله ،فكل ما يجرى من أحداث مؤسفة هى مخططات مثل الأفلام الأجنبيه التى تخرج من مدينة هوليود .
و مدينة هوليود الأمريكية مدينة السينما والمسرح فهى المدينة التى يتدرب فيها ويتخرج منها رؤساء أمريكا لتمثيل أدوارهم فى فترة الرئاسة, هذه هى المدينة الصهونية منذ زمن بعيد تكتب فصول القصة والسيناريو وتختار الأبطال لتمثيل أدوارهم ومن يعاونهم, وها هو الفليم الحالى وسوف نلقى الضوء عليه. لقد مضى عام ونصف عام منذ بداية الحرب على غزة وإبادة شعبها وتهجيره .
وقبل أن نبدء القصة أود الإشارة الى تقدير موقف لامريكا حتى تستطيع تنفيذ مخططاتها بسهولة فماذا فعلت هذه الدولة الأمريكية الصهيونية أوقعت الند الأول لها وهى روسيا فى حرب طويلة مع أوكرانيا, ودعمت أوكرانيا فإنشغلت روسيا بحالها لتتغول إسرائيل وأمريكا على العرب دون الغريم الأوحد لها روسيا, كما صنعت أزمات إقتصادية على كثير من دول العالم وخاصة الدول العربية المتوسطة الحال مثل مصر لتستجيب لطلبات أمريكا وإسرائيل, بعد إبادة أهل غزة وتهجيرهم، وهنا أعود بالذاكرة للخلف
فهل كان لدى حماس قبل 7 اكتوبر فكر تقدير موقف لفكرة ومخطط تهجير أهل غزة نتيجة طوفان الأقصى؟ الاجابة لا.. فهم ظنوا أن إسرائيل ستتفاوض على الأسرى ولا تدمر غزة, وما حدث غير متوقع وكان العكس.. إسرائيل دمرت غزة ثم تفاوضت على الأسرى . ونعود لنستكمل سرد فيلم غزة الجديد بإختصارشديد لأنه مؤسف.
لقد بدء فليم إبادة غزة, بالبطل العجوز الهزيل الرئيس بايدن رئيس أمريكا وإنتهى دوره, بتدمير غزة طوال عام ونصف تحمل فيها الاشقاء ما لايتحمله بشر, فلهم الله على صبرهم وقوتهم وتمسكهم بأرضهم هم مثل رائع لشعب بطل, ولكنهم حقيقة يحتاجون الى قيادة حكيمة من أبنائهم تلم الشمل وتوحد الصف, ويعرفون تقدير الموقف وحماية شعبهم وحقوقهم.
ثم يُظهر لنا الإعلام الأمريكى مدى الخلاف الشديد بين بايدن وترامب, وكأن ترامب نبى جاء ليعطى أهل فلسطين حقهم, وتعاطف مع ترامب الكثير من العرب, ونقول يغور بايدن ويأتى ترامب ليحل مشكلة غزة ويوقف الحرب, ويتبادل الاسرى وعودة سكان غزة الى بيوتهم المدمرة , ثم نفاجىء بالسيناريو الثانى والبطل الثانى ترامب يسمح بالعنف والإرهاب والقتل والحصار لأهل الضفة الغربية بعد الهدنة مباشرة.
وكانت النتائج غير متوقعة أن يعلن ترامب أنه يريد إحتلال غزة مصيبة وإقامة مدينة سياحية عالمية وتوسعة لدولة إسرائيل الصغيرة, وتهجير أهل غزة الى مصر, رغم أنه يعلم مسبقاً أن ذلك مرفوض قولاً واحداً.
فهل يريد ترامب حرب مع مصر بواسطة إسرائيل ومساعدتها من خلال الجيش الأمريكى،أم يريد المساومة على أشياء أخرى, هذا هو الفليم الساقط لترامب سيناريو فاشل وغير مقبول, هل بعد هذه القرارات يتوحد العرب فى وجه ترامب أم يستنكرون وهو يعلم ذلك جيداً من قبل لما قال القدس الشرقية عاصمة إسرائيل فاستنكر العرب فقط, وتم نقل سفارة أمريكا الى القدس ونقلت بعدها كثير من السفارات الى القدس ونسينا القدس !
هل سيتغير موقف العرب تجاه قرارات ترامب بقوة وردع اقتصادى وسياسى ؟ هل العرب يقفون امام ترامب مثل رئيسة المكسيك كلوديا, ودولة كولومبيا وكندا ؟
وأخيراً خذوا هذا المشهد الأخير, طفل غزة يقول لا لا لا لن ارحل من بلدى ولو جاءت أمريكا بجيشها كله, وهذه حقيقة لقد تحملوا كل المشاق وبقوا فى أرضهم وهناك شعوب هربت من أرضها .
فهل مازال العرب على فرقتهم أم يكون لديهم تقدير موقف جماعى لتحيا الأمة العربية كلها وتعود لها مكانتها .
إسرائيل دولة مغتصبة لأرض فلسطين والعالم كله مشارك فى ظلم القضية الفلسطينة, إسرائيل لا تعرف غير سفك الدماء وهذا ليس بجديد علينا لأن القرآن قال لنا ذلك من 1400 عام وهذا قول الله الحق فيهم وعصيانهم لله وقتل الناس والأنبياء .. درس واضح لإصحاب العقول .
وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) سورة البقرة
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (87) سورة البقرة
صدق الله العظيم …
اللهم احفظ مصر وفلسطين وسائر بلاد المسلمين …