توبكُتّاب وآراء

يوسف عبداللطيف يكتب: العيون الساهرة تضحي لأجل الوطن وتؤمن الجبهة الداخلية بكل حزم

يحتفل الشعب المصري بعيد الشرطة في مثل هذا اليوم من كل عام، ليجسد تاريخًا طويلًا من البطولات والتضحيات التي قدمها رجال الشرطة في سبيل تأمين الجبهة الداخلية للوطن. يتأكد رجال الشرطة المصريون عامًا بعد عام أنهم ليسوا مجرد حراس للأمن، بل هم شركاء في المجتمع، يسهمون في تحسين الحياة اليومية للمواطنين من خلال المبادرات الاجتماعية التي تعزز العلاقة بين الشرطة والمواطنين، وتبني جسور الثقة القائمة على الأفعال لا الأقوال. لا يمكن إغفال تضحياتهم الجسيمة التي قدموها ولا يزالون، حفاظًا على استقرار البلاد وأمنها.

يبدأ التاريخ المجيد لرجال الشرطة المصرية بملحمة عزيمة وشرف في 25 يناير 1952، عندما تصدى رجال الشرطة في الإسماعيلية لعدوان الاحتلال البريطاني بكل شجاعة، ورفضوا الاستسلام رغم القوة المدمرة التي واجهوها. تجسد هذه الذكرى المهيبة رجالًا قويين صامدين، أصروا على مقاومة العدوان بكل عزيمة وإرادة، رغم قلة الإمكانيات العسكرية. لا يمكن إغفال دور فؤاد باشا سراج الدين في تلك المعركة، حيث رفض إنذار الاحتلال البريطاني، وأمر رجال الشرطة بالصمود أمام العدوان، ليظهر شجاعة وقيادة استثنائية تجسدت في تلك الملحمة التاريخية، ما جعله رمزًا من رموز الوطنية.

يواصل رجال الشرطة اليوم مسيرتهم في تقديم التضحيات، حيث لا يقتصر دورهم على حماية الأمن الداخلي فقط، بل يتعداه إلى المشاركة الفعالة في تنمية المجتمع. تطور دورهم في الحفاظ على الاستقرار أصبح أكثر اتساعًا ليشمل مجالات عدة، بدءًا من مكافحة الإرهاب وصولًا إلى الجريمة الجنائية. يثبت التاريخ أن الشرطة المصرية لم تكن يومًا مجرد منفذة للقانون، بل كانت دائمًا حائط صد أمام الفوضى، وتواجه تحديات الزمن الراهن باستراتيجيات أمنية متطورة.

تطورت وزارة الداخلية تحت إشراف اللواء محمود توفيق، الذي وضع استراتيجيات حديثة تتماشى مع التحديات المعاصرة. لم يكن ذلك مجرد تعديل في الأساليب الأمنية، بل كان تحولًا جذريًا في كيفية ارتباط الشرطة بالمواطنين، بحيث ظهرت كقوة متكاملة بين الأمن والمجتمع. تكاملت جهود الشرطة مع الجهود المجتمعية، مما ساهم في خفض معدلات الجريمة وتعزيز قدرة الشرطة على تنفيذ ضربات استباقية ناجحة.

لم يعد هدف الشرطة المصرية هو مجرد منع الجريمة فحسب، بل أصبح هدفها الأساسي هو المشاركة الفاعلة في تخفيف الأعباء الاقتصادية والاجتماعية عن كاهل المواطن، من خلال مبادرات اجتماعية ملحوظة مثل “كلنا واحد” التي تساهم في توفير السلع بأسعار مخفضة. هذه المبادرات تظهر وجه الشرطة المصرية المتكامل، الذي يسهم في التنمية المجتمعية ويساعد الأسر والأفراد الأكثر احتياجًا.

عكست بيانات عام 2024 نجاحًا ملحوظًا للشرطة في خفض معدلات الجريمة بنحو 15%. هذا الإنجاز يعكس ليس فقط المستوى العالي من الاحترافية لرجال الشرطة، بل أيضًا التزامهم الثابت بحماية الوطن من كافة المخاطر الداخلية. وفي إطار الدور الاجتماعي، نظمت وزارة الداخلية العديد من المبادرات التي تهدف إلى دعم المواطنين، مثل مبادرة “كلنا واحد” التي تجسد التلاحم بين الشرطة والشعب، ما يعزز الدور المجتمعي للشرطة ويظهر التزامها بالتخفيف عن المواطنين.

لم تقتصر الشرطة على أدوارها الأمنية، بل تبنت أيضًا العديد من المبادرات التي تهدف إلى ترسيخ قيم الانتماء والولاء للوطن. على سبيل المثال، نظمت وزارة الداخلية ملتقيات شبابية في المناطق الحضارية الجديدة لتعزيز هذه القيم بين الشباب، وهو أمر يعكس رؤية شاملة تهدف إلى إعداد أجيال جديدة قادرة على مواجهة تحديات الوطن.

لا يمثل عيد الشرطة مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو تذكير دائم بالبطولات والتضحيات التي سطرها رجال الشرطة عبر التاريخ. يوم 25 يناير 1952 يعيد للأذهان معركة الإسماعيلية، حيث جسد رجال الشرطة فيها أروع ملاحم البطولة والتضحية. يمثل هذا اليوم إحياءً لذكرى رجال رفضوا الاستسلام لأوامر المحتل، فضلوا التضحية بأرواحهم على أن يتركوا سلاحهم أو يرضخوا لاحتلال.

ولا ننسى دور فؤاد باشا سراج الدين الذي أسس لهذه المبادئ العظيمة من التضحية والوفاء. ظل إرثه وتوجهاته مصدر إلهام لرجال الشرطة الذين لا يزالون يواصلون العمل بكل إخلاص للحفاظ على هذا التراث العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى